/ صفحة 27 /
أن يحتضنها وأهلها أخير، لما تبين له هو نفسه من نفعها، وكان الشيخ على يوسف يبشر بهذه الدعوة في جريدة المؤيد، إذ كان ينشر فيها أخبار العالم الإسلامي، والآراء في تكتله، وكذلك مجلة المنار إذ كانت تعبر عن آراء الشيخ محمد عبده، والسيد رضا، ثم خفتت الدعوة بوفاة السلطان عبد الحميد الذي كان يحميها.
وأيا ما كان فقد أحس الأوربيون بخطر هذه الدعوة، وحاربوها بكل قوتهم: بصحفهم ومؤتمراتهم وكل قوة لديهم، لما تبين لهم من قوتها وخطرها إذا تحققت، واستنجد بعض الأوربيين الشعوب المسيحية طالبين إعانة سنوية، والنهضة بالمبشرين، وتعيين المبشرين الكبار في الجهات التي يوجد فيها مسلمون، ونشر الرسائل، وإنشاء مجلة لمقاومة فكرة الجامعة الإسلامية، ونشر جريدة لبيان الأفكار التي تطبع مؤيدة للجامعة الإسلامية، وهكذا، وكان من نتيجة ذلك أن اجتهد رئيس المبشرين وهو المستر (زويمر) في عقد مؤتمر للنظر في هذه الحالة، فانعقد المؤتمر في سبتمبر سنة 1911م، وكان هذا الموضوع ـ موضوع الجامعة الإسلامية، وكيفية مقاومتها ـ من أهم موضعاته، وخصص لجنتان منه لهذا الغرض وقد افتتح الرئيس (زويمر) المؤتمر بأن بدأ يدعوه للبحث في الوسائل التي يمكن بها مقاومة الإسلام، وكان يتبع المؤتمر غرفتان عرضت فيهما الغرائب المتعلقة بالإسلام مع مطبوعات جمعية التوراة التبشيرية، واشترك في هذا المؤتمر 168 مندوباً و113 مدعواً عن أربع وخمسين جمعية تبشيرية، وعلي رأس المؤتمرين القسيس زويمر الذي تصفه جريدة فرنسية بأنه لا يهزم، وبأنه درس الإسلام في شعوبه، ومُنع الصحفيون الانجليز والأمريكان من شهود هذا المؤتمر، ولم توزع عليهم النشرات إلا بعد تنقيحها، وقد قال الرئيس في مجلة العالم الإسلامي: إن الإسلام تمخض في السنوات الخمس الأخيرة التي أعقبت مؤتمر مصر عن حوادث خارقة لم يسبق لها نظير، ففيها حدث الانقلاب الفارسي، والانقلاب العثماني، وفيها انتبهت مصر لحركتها الحاضرة، وعني المسلمون بمد السكة الحديدية، وتأسست في الهند مجالس شورية، ودخلت الأمور الإسلامية في قالب يلائم العصر، ازداد