/ صفحة 377/
هذا ((ديودور)) المؤرخ الإغريقي يحدثنا مثلا عن القانون الذي وضعه الملك ((يوخوريوس)) من ملوك الأسرة الرابعة والعشرين، والذي يقضى بأن الربا مهما تطاولت عليه الآجال لا يجوز أن يصل إلى مقدار رأس المال.
أثينا وروما:
أما في الدولتين الإغريقية والرومانية فان الربا ـ قبل ظهور الإصلاحات التي وضعها ((صولون)) المشرع الإغريقي، وقبل الإصلاحات التي وضعها مؤلفو (الألواح الاثنى عشر) في روما ـ كان شائعا بدون قيود ولا حدود، وكان العرف(1) الجاري في كلتا المملكتين أن المدين إذا لم يوف دينه أصبح هو نفسه ملكا للدائن. فجاء تشريع (صولون) قاضيا على هذه العادة الشنيعة، حيث قرر أن تكون مسئولية المدين في ماله وذمته، لا في شخصه ورقبته. كما أنه حدد النهاية القصوى التي يمكن أن تبلغها فوائد الدين (يقال انه حددها بنسبة 12 % من رأس المال). وكذلك صنع واضعو الألواح الاثنى عشر في روما، وبقيت هذه النسبة محفوظة في التشريع الروماني حتى جاء (جستينيان) فجعلها تدور بين 12 % للتجار وأمثالهم و4 % للنبلاء.
هذه التشريعات كلها لم تظهر الا في أعقاب اضطرابات وحروب داخلية مستمرة بين الأغنياء والفقراء في تلك الشعوب، فكانت هذه الإصلاحات علاجا وقتيا لتلك المشاكل الاجتماعية الخطيرة التي ولدتها هذه الوضعية الربوية.
هكذا مهما نصعد بنظرنا في تاريخ التشريعات المدنية القديمة. نجد أن مبدأ التعامل بالربا كان سائغا فيها، وأنه كانت توضع له في بعض الأحيان نظم تحميه إذا لم يجاوز حداً معلوما.
(1) وكذلك جرى العرف في كلتا الدولتين بأن الفائدة السنوية يؤديها المدين على أقساط شهرية. قارن هذا بعادة العرب في الجاهلية أيضاً، كما سيأتيك نبؤه قريبا.