/ صفحة 6 /
وتقلبت عليه ألوان من الدراسات والقيادات والحكومات، فكان موقفه منها موقف الفاحص المتخير، الذي يعرف ما يعرف، وينكر ما ينكر، معتزاً بحريته وسعة أفقه، ولا توجد جامعة إسلامية أو غير إسلامية لها هذا العمر المديد، والتاريخ المجيد، فإذا كان هذا هو مقام الأزهر في تاريخ المسلمين، وفي بلادهم وشعوبهم، فلن تتحقق رسالته إلا إذا أسند أمره إلى رجل (إسلامي عالمي) قد حلب الدهرَ أشطرَه، وذاق حلوه ومره، واتسع أفقه الفكري فبرئ من التعصب لا يبغي إلا الله، ولا يخضع إلا للحق.
ولذلك رجا الناس خيراً كثيراً حين علموا أن فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم قد صار شيخاً للأزهر: رجَوه للعلم والدرس، ورجوه للإسلام والمسلمين، وإن أسرة التقريب لأول الراجين، وما أسرة التقريب بألف أو ألفين أو عدة آلاف، وإنما هي الملايين ممن يدينون بدين الحق على اختلاف المواطن الشعوب والطوائف الإسلامية. إنهم قد ذاقوا مرارة التفرق، واكتووا بنيرانه أجيالا بعد أجيال،، وإن تاريخهم ليسجل ألواناً من المآسي التي ليس تقشعر لذكرها الجلود، وآن ما هم فيه من تخلف وضعف لمن آثار تلك المآسي التي لدينهم ولا لدنياهم حظ فيها، فإذا نظروا إلى الشيخ الأكبر متطلعين فيه إلى منقذ، فحق لهم أن يفعلوا فإنه أمل مبعثه جهات ثلاث في فضيلته: إيمانه، وأزهريته، ومكانته من التقريب، ولهذا تتوارد على (دار التقريب) منذ أسندت إليه المشيخة الجليلة، رسائل تفيض بالشكر لله على نعمته، والرجاء في أن يؤيده بنصره، ويمنحه القوة، ويوفقه إلى ما فيه مصلحة العلم والدين، والإسلام والمسلمين.
اللهم كما وجهت إليه القلوب، فحقق على يديه الآمال، ويسر له الصعاب، إنه لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت إن شئت جعلت الحزن سهلا.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
محمد محمد المدني