/ صفحة 86 /
آراء الفلاسفة في الآداب والفنون:
اختلفت أنظار الفلاسفة في الآداب والفنون: فأفلاطون يرى أن الفن أحط من الفلسفة، لان الفنان عنده لا يستمد فنه من العقل والتفكير، بل يستمده من الوحي والإلهام، وهذا الإلهام ليس في مستوى المعرفة العقلية، فالفنان لا يصدر عنه التصوير الجميل بناء على قواعد قد وضعت، بل هو يعمل بما يلهم، ويسير على القواعد الفنية بلا شعور، وسمى ذلك الوحي والإلهام. الجنون السماوي، أما كونه سماويا، فلأن الفنان يبرز إلى الوجود أشياء في منتهى الجمال، وأما أنه جنون، فلأنه نفسه لا يعرف كيف صدرت عنه، ولا لم صدرت، فالشاعر يجرى على لسانه القول الحكيم والشعر الجميل، وهو يشعر بذلك، ولكن لا يعلم كيف كان.
ويجب عنده أن يكون الفن خاضعاً للأخلاق والفلسفة، فالشعر مثلا لا يسمح منه الا بما يعين على الفضيلة، ولا يكفى أن يقال انه جميل ليسمح به، بل يجب أن يلجم بالأخلاق، فأما خضوعه للأخلاق فلأنه لا يمكن أن يكون جميلا الا ما كان حقا، وأما خضوعه للفلسفة، فذلك لأن الغرض الأهم هو تفهم المثل، والعلوم والفنون إنما هي معينة على فهم هذه المثل، أما هي فلا قيمة لها في ذاتها، فالجميل وسيلة للخير، وليس غاية في نفسه.
والفن عند أرسطو نوعان:
فن يكمل الطبيعة كالطب، وفن يقلد الطبيعة، ويخلق جديدا، وهو الفنون الجميلة، من تصوير وموسيقا وشعر، وليس هذا التقليد تقليدا للافراد والجزئيات بل هو تقليد للشيء الكلي في فرد، ومعنى هذا: أن الفنان إذا صور إنسانا، فهو لا يصور فرداً يراه، وإنما يصور فيه المثل الأعلى للإنسان، أو الفرد الكامل منه، فهو يلقى على الصورة نغمة مما يتصوره من الكمال، فالإنسان العادي ينظر إلى الفرد من الناس كأنه فرد، أما الفنان فيرى الإنسانية في الفرد، فيلقى على الصورة شيئاً من هذا النظر العالي. ومن هنا كان الشعر أقرب إلى الحق أو إلى