/ صفحة 230/
فالناس في احتمال آرائهم للصواب والخطا سواء، فمن أراد أن يفرض على الناس رأيا رآه، غير واضح أنه من الله أو ممن عصم الله فقد حاد عن سنن العدالة.
ومن غش فقد جار، لأنه استوفي الثمن، ولم يوف ما يقابله، وفي التجارة غش وعدل، وفي الحكم غش وعدل، وفي العلم غش وعدل وبين الزوج والزوجة كليهما غش وعدل، وبين الخادم والسيد كليهما غش وعدل وبين الابن وأبيه، والخ وأخيه، والصاحب وصاحبه، والشيخ ومريديه، والاستاذ وتلاميذه، والجار وجيرانه، والمواطن ومواطنيه... الخ، كل أولئك أساس صلاحهم وسعادتهم العدالة، وسر فسادهم وشقاوتهم الغش والظلم، وما قامت السموات والأرض الا بالعدل، ولا استقرت الممالك والنظم الا بالعدل، وقد طلب الله إلى المؤمنين أن يكونوا ((قوامين بالقسط شهداء لله)) وأن يكونوا وقوامين لله شهداء بالقسط)) ولم يجعل القوامية لهذا غير القوامية لذاك، ولا الشهادة بهذا غير الشهادة بذاك، ليعلمنا سر تسميه جل جلاله باسم ((العدل)) .
* * *
إذن فضيلتان جامعتان، إليهما يرجع كثير امن العقل في صلاحية الفرد والجماعة، وبهما - إلى حد كبير - ترتبط أسباب الطمأنينة والسعادة، وهما لذلك من أول ما يدعو إليه الإسلام، ثم هما لذلك من أول ما يدعو إليه التقريب.
فالسماحة السماحة أيها المؤمنون ((و لا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)) .