/ صفحة 232/
أدائها، والاخلاص فيها، والمحافظة عليها فيما يختص بأنفسهم وبجماعتهم، ثم تحدثنا عن طهارة الوضوء وما أجمع العلماء عليه فيها، وما اختلفوا فيه.
وأشرنا في موضوعات الخلاف إلى الرأي الذي نرجحه مع موجب ذلك الترجيح. وقد أجملنا في آخر البحث الكلام على الغسل وهو المعروف في لسان الفقهاء بالطهارة الكبرى، وبينا أن صيغة التطهر المذكورة في قوله تعالى:
((و إن كنتم جنبا فاطهروا)) تدل على أن الواجب في الغسل هو المبالغة في الطهارة، وأن تلك المبالغة ترجع إلى الكم وهى بغسل البدن كله، فيدخل فيه المضمضةو الاستنشاق وما اليهما مما لم ير كثير من العلماء افتراض غسله في الوضوء، ويرجع كذلك إلى الكيف الذي يتحقق بالدلك، وقد اخترناه في الوضوء ملاحظين الفرق بين الغمس والصب والغسل، ومستندين في ذلك إلى أن العرب لا تقول: غسلت السماء الأرض الا إذا وقع المطر عليها بشدة فأزال ما في موقعه من أقذار وأتربة، حتى جعلها بيضاء نقية.
بم تتحقق الجنابة هل هي من الالتقاء أو من الماء:
أما الجنابة التى تدل عليها كلمة ((جنبا)) في الآية، فهى الحالة الشرعية التى يعتبر الشخص متلبسا بها عقب خروج المنى، وهو ظاهر فيما إذا خرج عن طريق الوقاع، أو خرج عن طريق آخر من مداعبة، أو استمناء، أو احتلام ولا خلاف بين العلماء في أنه إذا انفصل عن مقره بشهوة، وجب الغسل وإنّما الخلاف ببنهم في ذلك في موضعين:
أحدهما: إذا خرج عن مقره بشهوة ثم سكنت الشهوة وانفصل من المحل سائلا، ومحل تحقيق هذا الخلاف كتب الفروع فليرجع إليه من شاء، ونحن نرى أن مجرد الانفصال عن المقر بشهوة محقق لمعنى الجنابة، وأنه موجب للغسل.
ثانيهما: إذا غاب العضو في المحل الاخر، وحصل انفاصل دون انزال، فهل تحقق بهذا القدر جنابة فيجب الغسل أو لا تتحقق فلا يجب؟ وهذا الموضوع جدير بشيء من البسط، فنقول: