/ صفحة 340/
يظن بعض الناس أن مثل هذا الايمان مقبول عند الله، موصل إلى النجاة، وهم يتلون الكتاب، ويعرفون ما وصف الله به عباده المؤمنين فى كثير من آياته.
فالقرآن يعرف المؤمنين مستيقنين غير مرتابين، ويعرفهم مجاهدين صابرين، ويعرفهم أصحاب رأى، وأهل غيرة على المجتمع ((يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)) ويعرفهم متحابين لم يفسد قلوبهم الغل، ولم تفرقهم الاهواء، ويعرفهم أقوياء فى الحق ((يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم)) ويعرفهم خاشعى القلوب، غير مستكبرين على أمر الله ((إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ايماناً)) ويعرفهم حراصاً باقامة الصلاة على توطيد صلتهم بربهم، وبايتاء الزكاة على تحصين كرائم أموالهم، ويعرفهم بغير ذلك من أوصاف الخير والبر التى لا صلاح الا بها، ولا استقامة الا عليها ((أولئك هم المؤمنون حقا)) فى نظر القرآن ((و أولئك هم المفلحون)) .
* * *
ومن الناس من يخطىء فى فهم ((بركات الايمان)) حين يقرأ مثل قوله تعالى:
((و لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السموات والأرض)) فيظن أن الله يحابى قوماً من خلقه لمجرد انتسابهم للايمان، ويخذل فريقاً من خلقه لمجرد أنهم منسوبون إلى الكفر، وقد أصيب المسلمون من جراء هذا الوهم الذي سيطر على كثير من العامة فى مختلف الشعوب بمصائب جمة، حيث سهل عليهم أن يفرطوا فيما أمروا به من أخذ الاهبة، واعداد العدة، والتمسك بأسباب القوة، اعتماداً على ما يسمونه ((الامل فى وجه الله)) والثقة فى نصره للمؤمنين، حتى لقد حدثنا التاريخ أن شعبا من المسلمين كان يستغيث من شدة الاعداء ببركات الاولياء، وأن قوماً آخرين قابلوا صولة عدوهم الضّارى، بالاجتماع لقراءة ((البخارى)) .
هذا مع أنهم أيضاً يتلون كتاب الله، ويعلمون منه أن للنصر أسباباً، وللخذلان أسبابا، وأن سنة الله فى خلقه جارية على أن يربط بين الاسباب ومسبباتها، ولذلك