/ صفحة 80/
فإن القرآن قد نص على أن الأُمة وحدهاهي مصدر السيادة والسلطة(1)، وليس الله. نعم، كان الله هو المشرع ابتداء، ثم غدا التشريع إلى الأُمة انتهاء: لأن الله سبحانه - رحمة بالناس - هو الذي رد هذه السلطة إلى الأُمة حين قال ((و أمرهم شورى بينهم)) . ثم، ألاترىأن حق الله يفسره الفقهاء دو ما بأنه حق الجماعة)) .
في هذين الرأيين تعرض خطير لاقدس ما يحرص عليه المسلمون; وهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وسنة رسوله الحكيم الذي لا ينطق عن الهوى. ومن أجل هذا ليس من الممكن أن يمر المسلم بهما كما يمر بكثير من الاراء الخاطئة المنتشرة هنا وهناك، بل يجد من الواجب الديني والعلمي مناقشتهما مناقشة موضوعية لا هدف لها الا معرفة الحق، ولذلك نتقدم بهذه الكلمة، بادئين برأى الأستاذ اللبابيدى.
2- يرى الأستاذ اللبابيدى أن الشريعة الإسلامية وهي الهية قابلة للتعديل دائما لما جاء في دستورها، وهو القرآن، من تجويز النسخ، وأن هذا النسخ صار بعد انتهاء عهد الرسالة للامة، وأن القرآن قد نص على أن السيادة التشريعية هي للامة وحدها وليس لله! فقد كان الله هو المشرع ابتداء، ثم غدا التشريع للامة انتهاء بنزول الله عن هذه السلطة للامة.
وهذا الرأي على خطئه الواضح له عرق قديم في تاريخ الفكر والاراء، لقد قال من قبل برأى قريب منه: نجم الدين الطوفي الحنبلى المتوفى عام 716 هـ، ثم احتضنه أخيرا الشيخ محمد رشيد رضا في مجلة المنار.(2)
ان لنجم الدين هذا رسالة تكلم فيها عن المصلحة بما لم نر مثله لغيره من الفقهاء - هكذا يقول الشيخ رشيد رضا - فرأينا أن ننشرها بحواشيها في المنار، لتكون تبصرة لأولى الأبصار)) (3). وقد نشرها فعلا في 770- ص746

ــــــــــ
(1) يريد الكاتب أن الأُمة مصدر السيادة والسلطة في التشريع، كما هو واضح من المقال كله.
(2) راجع المجلد التاسع ص 745، 746.
(3) من تقديمه للرسالة، ص 746.