/ صفحة 11/
تحريم اتخاذ المؤمنين أولياء من أعدائهم، ينصرونهم أو يستنصرون بهم على قومهم، وبيان أن تولى المؤمن للكافر مناف لعقد الإيمان، مخرج من ربقته .
وقبل أن نتكلم عن هذه الآيات نذكر أن جميع ما جاء في هذه السورة من الآيات المبدوءة بنداء المؤمنين، قد تضمن موضوعات هامة لها قيمتها في تكوين الأُمة تكوينا قويا صالحاً في دينها وشعائرها وأسس حكمها ومعاملتها لمخالفيها، ولكي نبين ذلك، ونربط به حديث اليوم، نعود إلى النداءات السابقة لنعرضها عرضاً يسيراً، ونستذكر موضوعاتها التي تحدثت عنا:
فالنداء الأول: وهو قوله تعالى: يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود،هو أعمها وأشملها، وهو بمثابة العنوان لكل ما جاء بعده من النداءات التي هي في الواقع تفصيل لإجماله، وتفريع على قاعدته وأصله .
الوفاء بالعقود أصل من أصول الاجتماع:
والوفاء بالعقود أصل من أصول الاجتماع، وركن من أركان الحضارة الراقية المهذبة التي تنشد الاستقرار والطمأنية، فلا غرو أن يكون له هذه الأهمية في التشريع الإسلامي، وأن تبدأ به السورة التي كانت من أواخر ما نزل من القرآن، والتي أتمت على المسلمين قواعد المجتمع الصالح الرشيد، حتى جاء فيها قوله تعالى: "اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون، اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" .
المقوّمات المادية والمعنوية للأمة:
وقد أتبع هذا الأمر الإجمال بيان ما أحل الله للمؤمنين من الطيبات، وما حرم عليهم من الخبائث، في الطعام والصيد والنساء وجاء النص في هذا البيان على حل طعام أهل الكتاب،وحل التزوج من نسائهم لما عسى أن يقوم بالأذهان من حرمة ذلك "اليوم أحل لكم الطيبات، وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا إتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان".