/ صحفة 227 /
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
ـ1ـ
أيهما أحسن لبلد من البلاد: أن يحمى صناعته من منافسة الصناعات الأجنبية بالقوانين القائمة على منع الاستيراد أو تصعيبه حتى تجد الصناعة الوطنية سوقها، وتضمن رواجها؟ أو أن يترك الأمر دون حماية ولا محاباة حتى يضطر الضعيف إلى تقوي نفسه، والى سلوك سبيل المنافسة الطبيعية بالاتقان والتجويد والتخلص من العيوب؟
لست من أهل الذكر في مثل هذه المسألة الاقتصادية، ولكن مما لا شك فيه أن الضعف هو الذي يخاف القوة، وأن النقص والقصور هما اللذان يشعران بالخطر من مواجهة الاتقان والكمال، ولذلك لا توجد هذه القضية في بلد بلغت الصناعة فيه أشدها واستوت، وإنّما توجد حيث تكون الصناعة في طفولها وأول نشأتها، والا فهل سمعنا أن انجلترا أو ألمانيا أو أمريكا مثلا تقيم الحواجز (الجمركية) حتى لا تغزو بلادها الصناعات الافريقية أو الأسيوية؟
هذا مثل ضربته، وإنما أريد العلم والرأي والمذاهب الفكرية، فالذين يثقون بأنفسهم، ويطمئنون إلى عقولهم وقواعد تفكيرهم، ويعرفون أنهم طلاب علم، وناشدو حق، هم أولى الناس بأن يفتحوا آفاقهم لما عند غيرهم، وألا يقيموا الحدود والسدود من دون الذين يشاركونهم في هذه الصناعة صناعة العلم والفهم والتنقيب عن الصواب والحق، هم أولى الناس بذلك لأنهم محسون بقوتهم، وشريف غايتهم، مطمئنون إلى إحدى الحسنيين: فإما أن يزدادوا إيمانا بما عندهم، وإما أن يرجعوا إلى ما هو أهدى سبيلا، وأقوم قيلا.