/ صحفة 230 /
أخريين دأبتا على اتخاذ صورة شيخ معمم رمزا لشخصية فاجرة تعبث بالفضيلة وتفتن في ألوان الرذيلة، فيرسمونه في أوضاع مزرية، وينسبون إليه أقوالا مخزية، مع وصفه بوصف (الشيخ) الذي عرفه الناس وصفا لأهل العلم ورجال الدين.
ومن أساليب هؤلاء الكتاب الذين لا يخافون ربهم، ولا يخشون عاقبة السوء في بلادهم وأمتهم، أنهم يشجعون كل مارق عن الدين ولو كان بادي الضعف، واضح الخطأ، بين الاعوجاج، فمن ألف كتابا يهدم به مبدأ من مبادئ الدين، أو أصلا من أصول الشريعة، صفقوا له، ومجدوا عمله، ونفخوا فيه، ودلؤه بغرور، حتى يحسب نفسه بطلا، ويتخذه غيره قدوة ومثلا، ومن كتب يبين حقيقة، أو يدعوا إلى فضيلة، أو يدافع عن مبدأ قويم، كانوا له رصدا، وكادوا يكونون عليه لبدا، فهم يحرفون قوله، ويسفهون رأيه، ويبطلون بنفوذهم سعيه، ويجلبون عليه بخيلهم ورجلهم حتى يأخذه الرهب في نفسه، ويكون عبرة لمن سواه ممن يتطلعون إليه، ويرغبون في مثل جهاده.
لحساب من تتحرك هذه الأقلام؟ وما هي الغايات التي تبتغي الوصول اليها؟ ولم لا نسمع هذا الضجيج الا في الميادين الإسلامية كأن ليس في العالم شيء يجب أن يقاوم ويخشى خطره على العقول الا الإسلام، وإذا كان من أول ما يتوسل به الاستعمار الطامع في الشرق الحريص على ثرواته، أن يزلزل دينه، ويبث الشكوك في شريعته، فبماذا نصف صنيع هؤلاء الهدامين، وأين نضعهم من مصالح شعوبهم وأوطانهم.
ان الأمر لأجل من مقال ينشر، أو كتاب يؤلف، وانه لأخطر من أن يقف منه قادتنا المؤمنون، وزعماؤنا المصلحون، موقف المتفرجين من نضال سجال بين مدافعين ومهاجمين، وان الله لسائل راعيا عما استرعاه، فخذوا على أيديهم، وحطموا أقلامهم، (واضربوا منهم كل بنان، ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله، ومن يشاقق الله ورسوله فان الله شديد العقاب.