صحفة 302 /
والقضاء والفتوى، كما يأخذ غيرهم من أهل الفقه والاجتهاد، ولكنهم يشترطون في الاخذ بالرأي ألا بتعارض مع حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن تعارض الحديث والرأي قدم الحديث وإن كان ضعيفاً على الرأي وإن بدا قويا.
وقد يقال: كيف يستدل الحنفية بالحديث الضعيف ووصفه مما يدعوا إلى تركه وعدم التعويل عليه في الاستدلال؟ ولكن الدارسين للحديث المشتغلين بالفقه يدركون الفرق بين اصطلاح السلف الاولين، واصطلاح الخلف المتأخرين، قإن ما يسميه الاوائل ضعيفاً قد يكون هو الحسن في اصطلاح المتأخرين لأنه تأئيد برواية أخرى أن روي من عدة طرق ظاهر بعضها بعضاً، فزال بذلك ضعفه واكتسب صفة الحسن التي تدنيه وتقربه من الصحة. ومن المعروف أن أصحاب أبي حنيفة مجمعون على أن الامام رضي الله عنه بني مذهبه على تقديم الضعيف على الرأي والقياس، وإليك أمثلة نستشهد بها على هذا المبدأ الذي التزمه.
1_ حديث القهقهة، وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا من ضحك منكم قهقهة فليعد الوضوء والصلاة جميعاً. قدمه الحنفية مع ضعفه على القياس الذي يقضي بأنه لا ينقص الوضوء إلا الخارج النجس.
2_ حديث أبي فزارة عن أبي زيد عن ابن مسعود أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له ليلة الجن ما في إداوتك، قال نبيذ تمر قال ثمرة طيبة وماء طهور، وفي رواية الترمذي فتوضاً منه، أخذ به الحنفية مع ضعفه، وقدموه على الرأي والقياس فجوزوا الوضوء بنبيذ التمر في السفر لمن لم يجد الماء المطلق.
3_ حديث وائلة بن الاسفع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام. قدمه الحنفية على القياس الذي يفضي بان أقل الحيض ساعة.
4_ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعائشة رضي الله عنها: أغسليه رطبا وافركيه يابسا، خالف الحنفية به القياس الذي يقضي بأن النجس لا يطهر إلا بالغسل.