/ صحفة 365 /
المجتمع القرآني
لحضره صاحب الفضيلة الاستاذ الجليل الشيخ محمد أبو زهرة
وكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة
(1) شعار الإسلام بالنسبة للنفس الإنسانية هو هدايتها وتعليمها وتوجيهها نحو النظر والمعرفة، ولعل أول آية نزلت في القرآن، وأول خطاب وجه من السماء إلى سيد المرسلين كان هو التعليم، لبيان أن تلك الشريعة التي سيجيء بها الوحي الإلهي تفوم على تنمية المعارف الإنسانية، فقد اتفق الرواة على أن أول توجبيه إلهي للرسول الامين كان بدعوته إلى القراءة والتعلم؛ إذ قال رب البرية لنبيه: ((اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم)).
ولقد جاءت آيات القرآن من بعد ذلك كلها داعية إلى النظر والمعرفة، وتقصى الاسباب، وتعرف النتائج والمقدمات بكل ما في الطاقة البشرية أن تعرفه من غير أن تتقحم في مجاهل لا منارة فيها ولا هداية، فإن ذلك هو موضع النهي في مثل قوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا).
ولقد جاءت آيات القرآن من بعد ذلك كلها تشير بل تصرح بأن المقصد الاسمي من مقاصد الإسلام هو توججيه النفس الإنسانية تحو المعرفة المفيدة الجدية التي تتقدم بالانسانية، وتسير بها نحو المثل العليا الفاضلة التي يمكن تحققها في هذا الكون الذي هو ابتداء، والغاية النهائية في عالم آخر، فقد قال تعالى في بعض