/ صحفة 385 /
وكان مجتمع عيسى مريضاً موبوءاً، فكانت آيته ضفاء المرضى، وتطهير الأنفس.
أما مجتمع محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان أصح بنية، وأسلم عقلا، كان خير أمة أخرجت للناس، فكانت آيته أقرب إلى الواقع، وأجرى مع حقائق الأمور وطبائع الأشياء، بل كانت آيته قائمة علي الواقع، مستخرجة من طبائع الأشياء وحقائق الأمور، كانت آيته (التوحيد) وما ينشأ عنه من قوة، وتنظيم، وإنسانية، لعالم واحد.
ألا تكفى هذه المعجرة؟ إنه وضع تصميماً لسلم عالمي دائم يسعد البشر بكل ما يسعدهم في عقولهم، وقلوبهم، وضمائرهم، وعقائدهم، وتعاونهم، ونموهم، وفق مبادئ منظورة استحقت أن يسميها: الحنيفية السمحاء. وهذه قرابة أربعة عشر قرناً تفصل بيننا وبينه، مشت خلالها الحضارة أشواطاً واسعة جدا، وتقدم العقل فيها تقدما عظيما جداً، وأبدع التطور ما أبدع لعي يد العلم من اكتشاف وتنظيم، ولكن شيئاً مما تولد وتجدد ونما لا يناقض التصميم المحمدي، وإنما يجيء مصدقا لصحته، إذ أنه مبني من الاساس لعي (وحدة) تعتبر ((حرة)) الطبيعة وتأخذ بها فيما وضعته من قوانين ترتبط بالحياة ارتباطاً عظوياً، وتتحد مع الحياة في تموها اتحاداً متبادلا ينفي الزائل المنحل بقانون ((التطور)).. قانون ((الاجتهاد)).
الحركة المحمدية حركة ثورية ديناميكية ذات مد لا يتقهقر، ذلكبأنها تحتوي الثورة عي نفسها فيما يناقض جوهرها الذي هو سير أمامي، وتقدم واع يستخدم النتاقضات لتقرير الأصلح والأخذ به في سلسلة التحولات التطورية.
إن المحاولات الضخمة التي استحدثت علي التوالي خلال أربعة عشر قرنا لم تستطع أن تنصرف عن ((محمد)) قط في كل مُتّجه خيَّر من متجهات الروح والمادة، ولم تستطع أن تذكره بشيء من الحق نسيه،