/ صحفة 41 /
هذا الشيخ هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي. ولد رحمه الله في رمضان سنة 385 بعد الهجرة، وانتقل من خراسان إلى العراق سنة 408، وعمره ثلاث وعشرون سنة، وبقى في بغداد حتى أوائل سنة 449، حيث غادرها إلى المشهد الغروي أي النجف، وظل فيها يدرس ويؤلف حتى وافته المنية في ليلة الثاني والعشرين من المحرم سنة 460 عن خمسة وسبعين عاما.
والمعروف من حياة الشيخ الطوسي يكاد كله يرتبط بحياته العلمية، وهذا الجانب واضح كل الوضوح، اللهم الا فيما يختص بحداثته، إذا اشتهر عنه أنه كان في حداثته يتبع مذهب المعتزلة، ولكن ما وصل الينا من خبر ذلك لا يتجاوز هذا التقرير، ولا يحتوى على شيء من التفصيل والبيان.
وربما كان المقصود بفترة الحداثة التي تابع فيها أصحاب الاعتزال هي الفترة الأولى من حياته التي قضاها في خراسان قبل انتقاله في سن الثالثة والعشرين إلى العراق.
واتصل في بغداد بالكثيرين من العلماء، واستفاد بوجه خاص من اتصاله بعالمين عظيمين كان من حسن خطه أن يجتمعا في وقت واحد، وهما أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد، وهو الذي انتهت إليه رياسة علماء الشيعة، وقد توفى في سنة 413، أي أن الشيخ الطوسي لازمه وقرأ عليه مدة خمس سنوات، وذكر له في كتاب الفهرست أكثر من عشرين كتابا ورسالة من مؤلفاته، وقال بعد ذلك: (سمعنا منه هذه الكتب كلها بعضها قراءة عليه، وبعضها يقرأ عليه غير مرة وهو يسمع، ذلك إلى ما سمعه عنه من كتب غيره من الشيوخ مما اشتهرت روايته عن الشيخ المفيد.
وأما الاستاذ الثاني للشيخ الطوسي فهو علم الهدى أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى الموسوي المعروف بالسيد الشريف المرتضى المتوفى سنة 436. وكان السيد الشريف المرتضى ذا بسطة في العلم والمال، واعتاد أن يشمل العلماء وطلاب العلم ببره وعنايته، ويجرى الرواتب على المستحقين منهم، وقد رتب لمريده وتلميذه