/ صفحه 264/
الغروبة في اليهودية والمسيحية والإسلام
لحضرة الأستاذ الدكتور علي عبد الواحد وافي
ـــــــ
تنظر اليهودية إلى الزواج على أنه واجب ديني لكل قادر عليه، ويقرر فقهاء اليهود أن جريمة من يحجم عن الزواج مع القدرة عليه تعدل جريمة القاتل، لأن كليهما " يطفئ نور الله، وينتقص ظله في أرضه، ويبعد رحمته عن إسرائيل " بل لقد ذهب كثير منهم إلى ما هو أبعد من ذلك، فرأوا أن من يبلغ العشرين وهو أعزب يجوز للقضاء أن يرغمه على الزواج (1).
ومن أهم الأسباب التي جعلت اليهود يعلون من شأن الزواج إلى هذا الحد أن تخليد اسم الأسرة وتخليد شعائرها ووظائفها الدينية وتوثيق صلتها بالرب، كل ذلك كان يتوقف في عقيدتهم على إنجاب البنين؛ وليس ثمة وسيلة مشروعة لانجاب البنين إلا الزواج، وفي هذا يقول الله تعالى في كتابه الكريم حكاية عن زكريا: " وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب ".
ومن أجل ذلك كانت الزوجة الشرعية نفسها إذا لم ترزق بذكر تتنازل لجارية زوجها أو جاريتها عن فراشها ابتغاء ان يأتي منها زوجها بابن يخلد ذكرى الاسرة. ومن الغريب أن من كانت تأتي به الجارية من ثمرات هذا الفراش كان يعد ولداً للزوجة الأصيلة لا للجارية التي ولدته. فكانت الزوجة هي أمه الشرعية؛ على حين أن الجارية كانت تعتبر مجرد أداة استخدمت لإنجابه. وقد طبق هذا النظام على إسماعيل الذي جاء به إبراهيم من جاريته هاجر قبل أن ترزق زوجه الأصيلة سارة

ــــــــــ
(1) Wester marek: Idees Morales (trad. fr) T.11 386