/ صفحه 38/
القافلة تسير
لحضرة صاحب السماحة العالم الجليل الاستاذ محمد تقى القمي
السكرتير العالم لجماعة التقريب
التطور سنة من سنن الخليقة يقول به كل مفكر، فالموحدون في توحيدهم، والمتصوفة في تعبيراتهم، وأرباب السلوك فيما يرون من التدرج في المنازل، والطبيعيون في فلسفتهم الطبيعية; كل أولئك يقرون التطور، وهل ما دار في مسألة قدِم العالم وحدوثه، وما قام بين المعتزلة والأشاعرة من خلاف معروف، إلا ألوان من التفكير القديم يرجع كثير منها إلى نظرية التطور!.
على أن هؤلاء وأولئك رغم اختلافهم في آرائهم تبعاً لآفاقهم الفكرية، يجمعون على أن التطور سير إلى الكمال... فبعضهم يقول: إنه السير إلى الخير، وبعضهم يقول: إنه السير إلى الإنسان الكامل، وبعضهم يقول: إنه السير إلى الله.
والديانات السماوية كلها كانت أخذا بيد الإنسانية نحو الكمال وسموّا بها من كامل إلى أكمل، وتلك سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
والأمم كالأفراد لابد أن تخضع لسنة التطور، وإذا كان الأصل في الإنسان أن يتطور نحو الكمال، فإن الأمم كذلك تتحرك بطبيعتها في مدارج الرقى، وتسعى بفطرتها نحو الكمال المنشود.
وإذا قيل: إن الفرد يتطور من طفولة إلى صبا فشباب ورجولة، ثم إلى شيخوخة وهرم، أي ضعف ووهن; قلنا: إن تطور الأمم يكون في المعنويات