/ صفحه 427 /
وإننا لنجد جواباً آخر: أننا بحكم اللغة قوم ننتمي إلى مجتمع عربي يبلغ حوالي 80 مليون نسمة، يمتد من نهري الفرات ودجلة شرقاً ويشمل حوض النيل، ثم يمتد إلى المحيط الأطلسي غرباً، مجتمع يشمل العراق العربي الفسيح. ويضم سوريا ولبنان، ويشمل شرق الأردن وفلسطين، كما يشمل الكويت وأراضي الحجاز واليمن، ويمتد إلى حوض النيل الخصيب، ثم ينتمي للمجتمع ذاته إخوان في برقة وطرابلس وتونس والجزائر ومراكش، وهذا المجتمع يكون في العالم الإسلامي الكبير نواته، فهو قلب هذا العالم، كما أن النواة هي قلب الذرة.
وإذا تأملنا المجتمع العربي وجدنا الإسلام قد نشأ فيه وانتشر وحكم العالم، ووجدنا أنه مجتمع كانت له قوة ومجد، اتصف أهله بالخلق الكريم والصراحة والإقدام والصدق في القول، الشيء الذي يعرفه كل من طالع سيرة هذا المجتمع ووقف على صفاته، وهو ما لمسته خلال تجوالى في شبه الجزيرة العربية، لمست هذه الصراحة في العمل وهذا الصدق في القول، وآمنت بما جبل عليه القوم من صفات الشجاعة والإقدام، ولمست هذا بين هؤلاء الإخوان الذين يعيشون على الفرات ودجلة وما بينهما، لمستها في بغداد عاصمة الرشيد، وفي الحلة وكربلاء والنجف والكوفة والبصرة وغيرها، لمستها في الطلبة والموظفين ورجل الشارع، ولو أردت أن أفصل بعض الأحداث التي شاهدتها بنفسي خلال عملي هناك كأستاذ للطبيعة في دار المعلمين العالية ببغداد لما وسعني كتاب طويل للتنويه بفضل هذا المجتمع، وما اكتمل له من صفات حميدة، كتاب قد يكون له من الأهمية ما لرسائلي الأخرى العلمية سواء عن طمى النيل، أو حركة الكرات، أو رسالتي في الذرة في الأشعة الكونية أو غيرها من الرسائل والنشرات العلمية المنشورة في الخارج أو في مصر، وقد تبينت لي هذه الصفات العظيمة، ومن جديد خلال مؤتمر الخريجين الذي انعقد في القدس في شهر سبتمبر من العالم الماضي، لمسنا خلقاً رفيعاً في القدس في شباب فلسطين، وفي عمان في شباب الأردن، وفي دمشق وبيروت في شباب سوريا ولبنان، بل في شباب العرب عموماً.
* * *