/ صفحه 71/
وقل ابنك الحسن الجلال مباين * * * من قد غداً في الدين في تلعابه
لا عاجزاً عن مثل أقوال الورى * * * أو هارباً من علمهم لصخابه
فالمشكلات شواهد في أننى * * * أشرقت كل محقق بلعابه
لولا محبة قدوتى بمحمد * * * زاحمت رسطاليس في أبوابه
لكننى أولى الورى بمقامه * * * فأنا ابنه وأسير في أعقابه
هكذا قال عالمنا الجلال: انه سيزاحم ارسطاطاليس على أبواب الفلسفة
الاغريقية وعلى أبواب المنطق اليونانى، لا يمنعه من المزاحمة له عجز ولا قصور، ولكن حبه الاقتداء بجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ((نعم)) لولا حبه الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزاحم حكيم اليونان وواضع علم الميزان.
هكذا بلغت الحرية الفكرية بعالمنا الجلال في العصر الذي جمد فيه الفقهاء جموداً كان من نتائجه السيئة أن هابوا مزاحمة أسلافهم بمعارضة أقوالهم هيبة جعلتهم يؤولون لاجلها النصوص الصريحة من الاحاديث الصحيحة، بلا حجة نيرة ولا دليل صحيح، بعد أن استحبوا المقام في ظلمات القال والقيل، وحرموا على أنفسهم - بلا دليل صحيح - الاستضاءة بأنوار التنزيل.
وأرجو أن يكون القراء قد تصوروا بهذا الموضوع الموجز، موضوع هذا الكتيب الذي ما هو بالنسبة الى سائر مؤلفات الجلال التي لا تزال مخطوطة الا قطرة واحدة من بحر عجاج متلاطم الامواج، كما لا يخفى على من قد اطلع على مؤلفات الجلال المخطوطة التي لا يسبح في محيط بحور علومها الا العلماء المحققون، ولا يرتاض في ميادين أفكارها الحرة الا طلاب العلوم المتحررون المستقلون، وذلك ((كضوء النهار المشرق على حدائق الازهار)) وبتصور مؤلفات الجلال القيمة قد تصوروا حركة النهضة العلمية اليمنية الحرة قبل ثلثمائة عام، وتكيفوا (روح العلم اليمنى في بحر القرن الحادى عشر من الهجرة).