/ صفحه 108/
الأئمة - يريد أئمة المذاهب السنية - فأجمعوا على تحريمها إلى يوم الدين، وخالفهم في ذلك الشيعة، لأنهم لم يروا صحة هذه الآثار، ورأوا فوق ذلك أنها ثابتة بالكتاب، إذ يقول الله تعالى ((وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين، فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)) والمتبادر من كلمة ((استمتعتم)): نكاح المتعة، على أنه فيها حقيقة شرعية، أو مجاز مشهور، يدل على ذلك تعبير الآية بالأجر، دون المهر، وهو المتعارف في نكاح المتعة، أما المهر فهو المتعارف في النكاح الدائم، وليس المراد بالاستمتاع التلذذ بالجماع - كما يقول ذلك أهل السنة - وإلا لزم ألا يجب مهر إذا لم يحصل تلذذ، وذلك باطل لوجوب المهر مع عدم التلذذ بموت أحد الزوجين، وإلى هذا التأويل ذهب جعفر الصادق، ومحمد الباقر، وغيرهما من أئمة الشيعة الأعلام: روى أن أبا حنيفة سأل جعفر الصادق عن المتعة فقال: عن أي المتعتين تسأل؟ قال أبو حنيفة: لقد سألتك عن متعة الحج، فأنبئني عن متعة النساء، أحق هي؟ فقال سبحان الله! أما تقرأ كتاب الله ((فما استمتعتم به منهن … الآية)) فقال أبو حنيفة: والله لكأنها آية لم أسمعها قط))(1).
((2- الخلاف في وجوب غسل الرجلين في الوضوء: لم تصح الآثار الدالة على وجوب ذلك عند الشيعة، ورأوا آن أية الوضوء: ((يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين)) - ليست صريحة في الدلالة على وجوب غسل الرجلين، بل دلالتها على وجوب مسحهما أظهر، فقد قريء: ((وامسحوا برءوسكم وأرجلكم)) بالجر، وذلك صريح في إيجاب المسح، وهو يدل على المعنى في قراءة النصب، وأن نصب ((وأرجلكم)) فيها إنما هو للعطف على محل الجار والمجرور، وهو ((برءوسكم)) وهو في لغة العرب كثير، ثم أيدوا هذا أيضا بروايات كثيرة من أئمتهم، فكان الواجب عندهم مسح الرجلين في الوضوء لا غسلهما، ولو صحت عندهم الآثار الدالة على

*(هوامش)*
(1) راجع تفسير آيات الأحكام للشيخ أحمد الجزائرلي الشيعي ص 263 في تفسير هذه الآية.