/ صفحه 160/
قلت: اعتداء صارخا ما في ذلك شك.
قال: فلماذا إذا يستبيحون - وهم أهل النظر - أن يغضوا النظر عن مسألة التخصص متى عالجوا أمور الدين. أنا لا أقول بإقفال باب الاجتهاد كلا فبابه مفتوح فيما أرى حتى تزلزل الأرض زلزالها وتخرج أثقالها ولكن أقول بمنع المقتصد أن يكون مجتهدا.
قلت: لو قرأت وفقهت ((بداية المجتهد ونهاية المقتصد)) لابن رشد أفلا أكون مجتهدا؟
قال: في عنون الكتاب الجواب فأنت مبتديء ولك أن تستمر ولكنك لست مجتهدا ولا يمكن أن تكونه مادمت في ((ألف باء الاجتهاد)) وأنت مع هذا ترى السادة المجتهدين العصريين بعيدين كل البعد عن استيعاب بداية المجتهد بل إني لأزعم لك أنهم لا يعرفون أن في المكتبة العربية كتابا يحمل هذا الاسم بيد أنهم برغم أنف الاجتهاد ومعداته والاستعداد الفطري له، برغم كل هذا وغيره يجتهدون وأنوف المختصين في الرغام.
قلت: ذلك بأنهم يرون الإسلام عاما للناس كافة وليس وقفا على ذوات أو هيئات معينة.
قال: هو كذلك من حيث كونه دينا يعتنق وينتفع به، فأما من حيث تفسير أحكامه فهو شرع كغيره من الشرائع لا بد له من فقهاء وعلماء يبينونه للناس.
قلت: فنحن المجددين - ولا مؤاخذة - نأخذ عليكم وقوفكم المتسم بسمة القرن السابع أو الثامن لا يتعداه على أن المنطق الإنساني قد تغير وهو في عقولكم ما زال كما كان منذ أربعة عشر قرنا.
قال: بل كما كان منذ ثمانية وعشرين أو ستة وخمسين قرنا. ذلك بأن العقل الإنساني هو هو كماكان وكما هو كائن وسوف يكون أبد الدهر، نعم إنه كسب كثيرا وسوف يكسب أكثر على كر الغداة ومر العشي.
قلت: أفعقل من فجر الذرة هو عقل من كان يحسب الأرض مركز الكون؟