/ صفحه 163/
عناصر أساسية في التوجيه، أهمها: ((التعبئة الروحية)) والتعبئة الروحية لا يعني بها التزهيد في الحياة، وإنما يعني بها مواجهة صعاب الحياة في قوة نفسية، هي قوة الإيمان. الإيمان بالحياة، ودفع هذا الإيمان إلى تحمل مواجهة الصعاب فيها هو مفهوم التعبئة الروحية. والإيمان بالحياة لا يكون إلا بالإيمان برسالة فيها، ورسالة الانسان في الحياة هي رسالة الإنسانية، لا رسالة المتعة الحيوانية، هي رسالة المثل، وفي مقدمتها: الله، والوطن. أن تؤمن بالله، وبالوطن، إيمانا قويا، وأن تدفع الخطر الذي يهدد الأمرين، وهما متلازمان معا، هما جوهر التعبئة الروحية، وجوهر رسالة المواطن في وطنه.
إن وطن الانسان ليس مكانا، إنه جملة من القيم الخالدة في رقعة معينة على وجه هذه الأرض. إن الوطن قيم تتصل بماضي المواطن، وحاضره، ومستقبله، وتميزه عن مواطن آخر في وطن آخر. وحدود الوطن ليست الأنهر، والجبال، أو خطوط العرض والطول وما شابه ذلك، وإنما هي الفواصل بين جملة من القيم خاصة، وجملة أخرى من القيم لها طابع معين، فوطن المصري كما يدخل في قيمته تاريخ مصر العريق، تدخل فبما أيضا تلك القيم التي تتصل بالإسلام، وبالتاريخ العربي المشترك. واذن لا يفصل الوطن المصري بالحدود الجغرافية بينه وبين البلاد العربية، ولا بتلك التي بينه وبين البلاد الإسلامية.
ومن يحاول جعل الوطن عبارة عن مكان جغرافي محدد بفواصل طبيعية، أو بخطوط أرضية مصطنعة - يتجاهل المواطن كإنسان له طبيعته الحية المرنة التي تتكون وتتفاعل مع القيم الإنسانية، أكثر مما تتفاعل مع المكان الأرضي الصلب أو الرخو على نحو ما يحاول أحد الكتاب المجددين لسبب غير مفهوم من غض النظر في تحديد الوطن المصري عن القيم الإسلامية والعربية، بدعوى أن رعاية ذلك كانت من تفكير الماضي، أما التفكير المعاصر فيرى في تجديد الوطن كمية المنافع المتبادلة!!
لا، إن الإنسان هو الإنسان. الإنسان الحاضر له خصائص وطبيعة الإنسان