/ صفحه 174/
كما كان القرآن محفوظا في الصدور قبل تدوين المصاحف، وجمع القرآن بقراءاته ثم حين دونت المصاحف لم يكن النقط والضبط، فكانت قراءتهم للكلمة على حسب ما يروون وينقلون، لا على حسب ما يقرءون في المصاحف.
يقول أبو شامة في شرح الشاطبية:
والقراءة نقل فما وافق منها ظاهر الخط كان أقوى، وليس اتباع الخط بمجرده واجبا ما لم يعضده نقل، فإن وافق فيها ونعمت، ذلك نور على نور، كما في قوله تعالى في سورة الحج ((ولؤلؤا)) فقرأ عاصم ونافع بالنصب هنا وفي فاطر، وقرأ الباقون بالجر فيهما، وقد رسم بالألف في الحج خاصة دون فاطر، فلو اتبعوا الخط والرسم فقط، لقرءوا ما في الحج بالألف، وما في فاطر بالخفض.
ومن أخطاء (جولد تسيهر) أيضا أنه كان يحمل القراءة ما لا تحتمله، ويتطوع في تفسير السبب الذي حمل القاريء على اختياره هذه القراءة، والقاريء نفسه بريء من هذا الاستنباط، بل ويصرح أحيانا بما يخالفه، ولكنه حرص (جولد تسيهر) على التشكيك في القراءات، وإثبات أنها من محض الرأي لا النقل، يجعله يسلك ذلك السبيل.
من ذلك ما ذكره من قوله في ص 5: ((وقد رأى بعض شيوخ المفسرين (قتاده البصري المتوفى سنة 117 هـ) أن الأمر بقتل النفس، أو قتل العصاة في قوله تعالى: ((فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم)) (54 البقرة) هو من القسوة والشدة بحيث لا يتناسب مع الفعل، فقرأ: ((فأقيلوا أنفسكم)) أي حققوا الرجوع والتوبة من الفعل بالندم على ما فعلتم، وفي هذا المثال نرى وجهة نظر موضوعية كانت سببا أدى إلى القراءة المخالفة)).
أرأيت إليه كيف يصور قراءة قتادة أنها من اجتهاده وعدم رضائه على المعنى الذي تدل عليه القراءة الأخرى، ولا ندري من أين استقى (جولد تسيهر) وجهه نظر قتادة هذه؟ وكيف جاز أن يعتبر هذه القراءة من قتادة رأيا ارتآه ليناسب المعنى،