/ صفحه 24/
بين أمثال تلك الأوهام الباطلة، وما عليه الشيعة الإمامية أو الزيدية الذين يمثلون نسبة كبيرة بين المسلمين، ولهم آراؤهم واضحة، وكتبهم مطبوعة ومتداولة، وعلماؤهم في الفقه والتفسير والكلام والفلسفة كثيرون امتلأت بهم أسفار التراجم - إذا كان يروق لأحد أن يخلط بين هؤلاء وأولئك ليجعل من الأمة الواحدة أمتين أو أمما مختلفة، ولا يعجبه مبدأ التعريف بالمذاهب الإسلامية، ويرى في هذا هدما للمباديء المفرقة، والمعاول الهدامة، وإذا كان التقريب يعطي فكرة عن هذا المذهب على حقيقته؛ فليس هذا مما يؤخذ على التقريب.
إن المسلمين إذا عرف بعضهم بعضا وزالت الشكوك من بينهم واطمأنوا لأنفسهم؛ أصبحوا قوة لها قيمتها، ولا يمكن بلوغ هذه الغاية بالمجاملات، بل لابد من عمل يقوم على أساس من الواقع والفهم الصحيح، تزدهر به شجرة الأخوة الإسلامية، وتؤتي ثمرتها المرجوة، وهذا ما نسعى إليه جاهدين.
وإذا كان الباحثون من المستشرقين - الذين تحرص بلادهم على فرقتنا - يكبرون الخلاف بين مذاهبنا باسم البحث تارة وباسم الاستشراق أخرى، فإن من واجبنا أن نظهر الحقائق لنفوت عليهم أغراضهم، فإن في الفرقة ضعفا لنا وتمكيناً لغيرنا من رقابنا، وإن في الوحدة قوة لنا وسيادة لأمتنا.
إن فكرة التقريب ليست فكرة جماعة بذاتها مركزها دار التقريب، وإنما هي فكرة كل مناصر لها في أي بلد من البلاد، وإن أية دار تلقى فيها محاضرة أو يجتمع فيها مؤتمر أو غير ذلك لتعريف المسلمين بعضهم إلى بعض لهي دار للتقريب.
وها هي ذي عشر سنين قد مضت على فكرة التقريب، وهي وإن حسبت في أعمار الأفراد إلا أنها قصيرة جد قصيرة في حياة الدعوات، ولاسيما دعوة تعالج رواسب القرون، وإذا كانت الدعوة قد سارت في هذه الفترة اليسيرة ونمت رغم أن الطريق لم تكن أمامها معبدة ولا مفروشة بالرياحين، والتزمت نهجاً سويا بعيدا عن كل نزعة تعصبية ولم تخرج عن خطة الرزانة والريث ولم تخضع لغير الحق، فإنا لنرجو أن يتمخض المستقبل عن نتائج أعظم وأجل إن شاء الله، والحمد لله على ما هدانا وأولانا، وهو سبحانه ربنا ومولانا.