/ صفحه 249/
ولا يعجبني من المسئولين في الأردن أن يكيلوا لمصر الاتهامات، وأن يتكلموا عن مؤامرات لقلب نظام الحكم في الممالك العربية، وعن اتهام الحياد الإيجابي بأنه ستار للاتفاق مع روسيا، وماذا يكون بعد هذا السيل الجارف من الاتهام والمهاترات.
هذا أمر خطير له ما بعده، فلابد أن نلتمس له العلاج، وأن نطلب لهذا الراء.
لم أر أدعى للوفاق وأبعد عن الشقاق من أن تتركوا المختلف فيه، وتأخذوا في المجتمع عليه.
اجعلوا خطر إسرائيل نقطة البدء، فلم يبق شك عند عربي ما في أن إسرائيل زرعت في فلسطين كما يزرع القتاد في عين كل عربي، وكما يوضع الشجى في حلوق الأمم الإسلامية، أنها جاءت يداعبها خيال ديني في أن تمتلك أرض الميعاد، وهي ما بين دجلة والفرات، والخيال الديني يفعل في النفوس فعل السحر، وهي مزودة بالعلم وبالعزيمة الاجتماعية التي لاتلين، وبالرأى المصمم الذي وضعت خطوطه وفرغ من تصميمه، وبحسب كل جيل أن يضع في بنائه حجرا، ثم هي يعينها أضخم الدول وأقوى البشر، ويمدونها بالمال الذي لا ينفد، والمعونة التي لاتنكر، وأنها تطرق إطراق الثعبان فإذا وجد مساغا لنابيه صمم، فكل مايؤمنكم خطرها وينجيكم من شرها فهو خير يتبع، وكل ما يضعف من مقاومتكم فهو شر يجتنب.
لقد قرأت أبياتا لشاعر عربي قديم لم أر أجمع منها للقلوب المتفرقة وأعظم منها في الحلم وحسن السياسة، وأحرى منها بأن ترد النافر من الأقربين، وتجمعهم على رد كيد الأبعدين، ولم أر وقتا أحرى بأن تأخذ بها الدول العربية من هذا الوقت وهي:
وذوي ضباب مظهرين عداوة قرحى القلوب معاودي الأفناد
ناسيتهم بغضاءهم وتركتهم و همو إذا ذكر الصديق أعادي
كيما أعدهمو لأبعد منهمو و لقد يجاء إلى ذوى الأحقاد
يقول ورب قوم ذوى أحقاد يظهرون عداوتي ولا يخفونها، جرحى القلوب يعاودون السوء من القول، ناسيتهم بغضاءهم وهم أعاد إذ اذكر الصديق كيما أعدهمو