/ صفحه 288/

المسلمون
في أوربا الجنوبية الشرقية
للأستاذ حارث شاكر - يوغوسلافيا
-2-
ذكرنا طائفة من الأخبار عن السلافين وكيف كانت علاقاتهم بالعرب لما توطنوا في شبه جزيرة البلقان، وأما وطنهم الأصلي الذي هاجروا منه فقد كان في سهول روسيا الجنوبية الحالية وراء جبال الكربات حيث كان يجاورهم كثير من شعوب أخرى من أصل تركي، وتاريخ هذه الشعوب في تلك المنطقة غامض لم يقم بتدوين حوادثه أحد من أبنائها، والرأي السائد في سبب تحرك هذه الشعوب نحو الغرب أنها كانت في وطنها عرضة لغارات كانت تشنها عليها قبائل مغولية من أواسط آسيا وشرقها، فبدأت جماهيرها في أواخر القرن الخامس الميلادي تتحرك متوجهة نحو الغرب لتستقر بعد تجوالها الطويل في أوطانها الحالية في شرقي أوربا، فيممت بعض القبائل السلافية شبه جزيرة البلقان، وتبعتها فيما بعد قبائل أخرى من أصل تركي فتأثرت بثقافة القبائل السلافية ولغتها، فاندمجت فيها، وهذا ما حصل في بلغاريا، وأما عكس ذلك فهو ماجرى في هنغاريا، فقد لحقت القبائل السلافية بالقبائل من أصل تركي في شمال البلقان (هنغاريا) فاندمجت فيها لغة وثقافة.
ومما سجله التاريخ أن القبائل السلافية المتجهة نحو البلقان كانت مسالمة فلم تكن تتقدم كغزاة فاتحين، ولما وصلت إلى ضفاف نهر الدانوب كانت الدولة البيزنطية يهدد كيانها العرب من الشرق، والآفار من الغرب، الأمر الذي حمل ملك بيزنطة ((هرقل)) على أن يعرض على القبائل السلافية أن تنتقل إلى البلقان رجاء الاستعانة برجالها في صراعه مع العرب والآفار.