/ صفحه 4/
موجات من الاضطراب والقلق، وتستبد به عوامل مخيفة تنذر بالشر، وتؤذن بالبلاء والضر، والمسلمون يقفون في هذه الغمرات موقفاً عصيباً بين متلصصين انسلوا إليهم في الظلمات، ومتربصين يتحينون منهم الغفلات، فإذا كان الائتلاف على أخوة الإسلام، حزماً وعزماً في أي وقت مضى، فإنهما الآن أشد ما يكونان وجوبا، والأمة أشد ما تكون إليهما احتياجا.
ونحن مع هذا غير يائسين، ((إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)) فلعل من بوادر الخير أن العالم كله أجمع على استنكار القوة يوم كشرت في الشرق عن أنيابها، وتعرت من ثيابها، وأن هذا الاستنكار اتخذ طابع الحزم والعزم حتى وقف العدوان، وكفّ الطغيان، وتراجعت الحراب، وعاد السيف إلى القراب، ثم لعل من بوادر الخير كذلك أن الشر قد استكمل أدواته، واستعد لنزواته، وتبين للناس مدى خطره، فأصبحوا يخافون بأس الحروب المقبلة - لا أقبلت - أن تأتى على الدنيا بأسرها، لا على بعض أقطارها، وها هي ذي أصوات العلماء والعقلاء تتجاوب منذرة محذرة، فتصغى إليها الأفئدة خافقة، والنفوس مشفقة، وإن الخوف لأول أسباب الأمن، وربما جاء الشر بالخير، ((وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون)).
* * *
اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تنزل علينا غضبك، أو تحل بنا سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك.
اللهم فقنا شر أنفسنا وأهوائنا، ولا تؤاخذنا بذنوبنا وأخطائنا، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين امنوا، ولا تجعلنا -فتنة للذين كفروا، ربنا عليك توكلنا،و إليك أنبنا، وإليك المصير.