/ صفحه 21/
أذكر أننا حين كنا نحاول إقناع أصحاب دار نشر ليصرفوا النظر عن طبع كتاب قديم، فيه من الخرافات ما يضحك غيرنا علينا، وفيه من السخافات ما يثير سخرية شبابنا نحن بعد أن تفتحت عقولهم بالثقافة، وفيه من تجريح العواطف ما كانت تمليه سياسة الحكام في عهد المؤلف. إذا مستشرق يهاجمنا في مجلة فرنسية، ويجزم أن هذا النوع من الكتب ضروري لفهم عقلية المسلمين قبل قرون، ومعنى هذا أن الكتاب سند وأي سند، يخدم أغراضهم، ويساعد على تحقيق مآربهم.
فماذا علينا نحن المسلمين؟.
أليس علينا أن نعني بدراساتنا عناية تغنينا عن هؤلاء المصححين للألفاظ، الذين لا هم لهم إلا نبش الماضي، وبعث ما يثير الأحقاد بين المسلمين، كي تتفرق كلمتهم، وتتفتت وحدتهم؟.
أليس علينا أن ندفن إلى الأبد كل ما يظهرنا بمظهر المنحرفين المتفرقين؟.
أليس من واجبنا أن نثبت أن أهل البيت أدرى بما فيه، وأن نتعب أنفسنا ونظهر حقائق خلافاتنا التي نعتز بها كأصحاب فكرة حرة سليمة؟.
أليس من واجبنا أن نخرج كنوزنا، ونبرز ما في التراث الاسلامي من روعة وجلال.
إننا بين أحد أمرين: إما أن ندخل الميدان بكل قوتنا فننجو من أحابيل دعاة الفرقة، وإما أن نتخاذل ونتواكل فيجهز علينا أعداء الإسلام.