/ صفحه 375/
عندها بالذبح، وقد بلغنا أن رسول الله ذكرها يوماً فقال: لقد أهديت للعزي شاة عفراء وأنا على دين قومي ".
أرأيت إلى الطعن الصريح في رسول الله من غير سند ولا نقل موثوق به، أفما كان الأجدر بهذا الكاتب أن يبحث عن مبلغ الثقة بهذا الرواية، وما رأى النقاد فيه، وإذا أراد أن يعرف حكم النقد على هذا الرواية فليسمع:
إن علماء الحديث ونقاد الآثار والأخبار لا يرضون عن ابن الكلبي ولا عمن نحا نحوه من التاريخين والأخباريين، لا لشئ سوى أنهم تعرضوا لرواية الآثار دون أن تتوافر فيهم الشروط اللازمة فيمن يتصدر لهذا الضرب من النقل. فهؤلاء العلماء يجرحون امثال ابن الكلبي ويحطون من أقدارهم، لأنهم أقدموا على تدوين الآثار ممزوجة ببعض الأساطير والأفاصيص.
قال المسعاني في كتاب " الأنساب " حين الحديث عن ابن الكلبي:
إنه يروي الغرائب والعجائب والأخبار التي لا أصول لها، ويسبق السمعاني الإمام أحمد بن حنبل فإنه كان يكرهه، وقد قال في حقه: " من يحدث عن هشام؟ إنما هو صاحب سَمَر ونسَب ما ظننت أحداً يحدث عنه.
ونص الذهبي في " طبقات الحفاظ " وكذا صاحب " شذرات الذهب " على أنه متروك الحديث.
ألا ترى إلى صاحب كتاب " الأغاني " وهو أبو الفرج الأصفهاني أنه ذكر في كتابه (161 / 18) عن بعض أخباره التي رواها:
" وهذا الخبر مصنوع من مصنوعات ابن الكلبي والتوليد فيه بين ".
وفي (19 / 9) عن أخبار أخرى رواها ابن الكلبي:
" هذه الأخبار التي ذكرتها عن ابن الكلبي موضوعة كلها، والتوليد بين فيها وفي أشعاره، وما رأيت شيئا منها في ديوان دريد بن الصمة على سائر الروايات، وأعجب من ذلك هذا الخبر الأخير فإنه ذكر فيه ما لحق دريد من الهجنة والفضيحة