/ صفحه 377/
وفي قصة (بحيرا) الراهب التي يسلم بها (جيوم) أن (بحيرا) قام إليه فقال يا غلام أسألك بحق اللات والعزي إلا أخبرتني عما أسألك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا تسألني باللات والعزي، فو الله ما أبغضت شيئاً بغضهما ".
هذا ما ذكره ابن سعد في ص 136 ج 1.
وذكر في موطن آخر في ص 138 ج 1:
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حضر سوق بصري فباع سلعته التي خرج بها، واشتري غيرها، فكان بينه وبين رجل اختلاف في شئ، فقال له الرجل: احلف باللات والعزي، فقال رسول الله: " ما حلفت بهما قط وإني لأقر فأعرض عنهما " قال الرجل: القول قولك.
وقبل أن نمضي في نقد الأستاذ (جيوم) نرى من الانصاف أننسجل له حسنة من حسناته، كما تحدثنا عن سيئاته، فإن النقد البرئ هو النقد الذي يكشف عن المحاسن، كما يكشف عن المساوئ. فقد داف بحرارة عنتهمة طالما لصقها المسترقون بمحمد صلوات الله عليه، وهي رميه ـ وحاشاه ـ بالصرع في حال نزول الوحي، بل أعلنوا أنها حالة مرضية.
ويقول (جيوم) في ص 25:
وقد ذهب جيل من المستشرقين في الماضي استناداً على الروايات التي تصنف ما كان يعرض لمحمد من الجهد والتعب الذي كان يصاحب نزول الوحي، ذهبوا إلى ان الرسول كان مصاباً بمرض الصرع، وهذه التهمة كان قد ألصقها به من قبل كاتب بيزنطي، ومثل هذا الغرض لا أساس له قط، ونستطيع أن نعزوه ـ ونحن آمنون ـ إلى التحيز ضد النبي، فإن دراسة هذه الظواهر النفسية لمثل هذه التجربة الدينية تجعل هذا الافتراض بعيد الاحتمال جداً، نعم أن الأنبياء ليسوا أناساً عاديين، ولكن هذا لا يتيح لنا أن نقول: أن سلوكهم هذا غير العادي مرده إلى حالة مرضية. وفوق ذلك كله فإن محمداً كان رجلا لم يخنه إدراكه السليم قط، أما أولئك الذين ينكرون عليه اتزانه العقلي والنفسي، فهم إنما يتجاهلون الشواهد