/ صفحه 380/
أو غير ظاهر يجلب الحركات المختلفة باختلاف التعبيرات ووجوه الكلام؟ فإذا قلنا: الشمس نافعةٌ، كانت الشمس نافعةً، إن الشمس نافعةٌ، يتمتع الناس بالشمس النافعة... فما الموجد الذي أوجد الضمة أو الفتحة أو الكسرة في الكلمات السابقة فجعل أواخرها مرفوعة حينا، منصوبة أو مجرورة حيناً آخر، وقد ينقل إحداها من الرفع أو من النصف أو من الجر إلى غير؟ ما الذي فعل هذا وان له القدرة على إيجاده وخلقه؟ وإن شئت فقل: ما العامل الذي عمل هذا وانفرد به؟ انه المتكلم في رأى القلة النحوية المغلوبة (كابن مضاء الأندلسي) وإنه العامل اللفظي أو غير اللفظي في رأي الكثرة العالبة من النحاة؛ فرفع الكلمات السابقة أو جرها أو نصبها ليس إلا أثراً للمتكلم وحده؛ هو الذي عمله، واجتلبه، وأبقاه، أو غيره عند أصحاب الرأي الأول، وهو عند أصحاب الرأي الثاني أثر للعامل اللفظي إن وجد، (مثل: " كان " فإنها رفعت الشمس ونصبت نافعة، ومثل: " إنّ " فإنها نصبت الشمس ورفعت نافة، ومثل: " الباء " فإنها جرت الشمس ـ كل ذلك في الأمثلة السالفة) وإن لم يوجد العامل اللفظي ظاهراً بين الألفاظ، فليس معنى ذلك أنه غير موجود ألبتة، بل قد يكون مستترا (كأن ا لمضمرة وجوبا) وقد يكون محذوفا (كعامل الإغراء والتحذير) سواء أكان الحذف وجوبا أم جوازا. فإن لم يوجد العامل اللفظي مطلقا فليس معنى ذلك أنه لا وجود للعامل ـ لاستحالة وجود أثر بغير مؤثر كما قلنا ـ وإنما معناه أنه معنوي لا يمت في كيانه بصلة إلى الكلمات والألفاظ، ولا يتكون من شئ منها. ومن ثم لا مادة محسة له، ولا ينطق به ولا يظهر أو يقدر في الكلام، كرفع كلمة الشمس (وهي مبتدأ) بالابتداء، وكرفع " يتمتع " (وهي فعل مضارع) بالتجرد من الناصب والجازم... فالابتداء أو التجرد علامة معنوية ـ وإن شئت فقل: خيالية. لا وجود لها إلا في الذهن، ولا حقيقة لها في الخارج كما يقول علماء الوضع، وهي مع ذلك تؤثر في الكلام رفعاً أو نصباً، وتجتلب الحركة التي تريدها!! ومن كل ما سبق نشأ: العامل اللفظي، والمعنوي، والعامل المذكور، والمقدر، والمحذوف، والعامل القوي أو الأصيل؛ كالفعل عامة (وأفعال