/ صفحه 83/
الوطنية والقومية في الإسلام
لفضيلة الأستاذ الشيخ عبد المتعال الصعيدي
الأستاذ بكلية اللغة العربية
ـــــ
عرف المسلمون الوظنية والقومية في عصرنا عند ما ابتلوا فيه بالمستعمرين الأوربيين، فقد عملوا على محو وطنيتهم وقوميتهم، ليزيلوا به العقبة التي تحول دون رضاهم باستعمارهم، وفنائهم في وطنيتهم وقوميتهم، فقابلوا عملهم على محو وطنيتهم وقوميتهم اعتزازاً بهما، وتمجيداً لماضيهم فيهما، وهم في هذا تارة يعتزون بماضيهم في الإسلام، ليجمعوا به بين المسلمين في جميع أوطانهم، فيكون لهم قوة باجتماعهم، وتارة يعتز العرب منهم بقوميتهم العربية، ليجمعوا بها بين العرب في جميع أوطانهم فيكون لهم قوة باجتماعهم، وتارة يعتز المصريون منهم مثلا بقوميتهم المصرية، ليجمعوا بين أبناء مصر على اختلاف أديانهم، حينما يريد المستعمر الأوربي أن يتخذ اختلافهم في الأديان وسيلة للتفريق بينهم، ليسود بينهم بتفريق كلمتهم، وهذه هي أكبر قاعدة يعتمدون عليها في سياستهم الاستعمارية ـ فرق تسد.
والمسلمون في عصرنا إذا اعتزوا بقوميتهم وأوطانهم الخاصة من أجل ذلك الغرض الشريفن وإذا تغنوا قدمائهم فيها من أجل ذلك الغرض أيضا، فإنهم لا ينسون وطنهم الاسلامي العام، ولا جامعتهم الإسلامية الكبرى، بل يجمعون بين الوطنيتين، ويعتزون بماضيهم الاسلامي، كما يعتزون بماضيهم القومي، لأنه لا منافاة بين الوطنيتين، ولا بين الإسلام والقومية، وقد جمع بينهما مهيار الديلمي في قوله:
وأبى كسرى، علا إيوانُه أين في الناس أب مثل أبي
قد ضممت المجد من أطرافه سؤدد الفرس ودين العرب
فأجاد في هذا أيما إجادة، وليس في فخره بأبوة كسرى له ما يؤخذ عليه في دينه.
ولكن بعض المتزمتين في الدين لا يعرفون إلا الوطنية الاسلامية، ويدعون