/صفحة 347/
"وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين. ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون".
وأخيراً بينت السورد أن المؤمنين في ظل هذه المبادىء وتلك الإشارات مهاجريهم وأنصارهم بعضهم أولياء بعض، وأن عليهم نصر الذين يستنصرونهم من المؤمنين الذين لم يهاجروا، وأنه لا ولاية بينهم وبين الكافرين. فالذ ين كفرا بعضهم أولياء بعض، "والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنين حقاً لهم مغفرة ورزق كريم، والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم".
وانظروا كيف بدأت السورة وختمت بأوصاف المؤمنين حقا، وفي هذا، وفيما ذكرت من نعم الله على المؤمنين يتضح لنا مدد النصر الذي يعده الله لعباده المخلصين وهو مدد دائم يتبع الإيمان والإخلاص أينما وجدا، فجدير بالمؤمنين أن يعلموا للحصول عليه بتقوية الإيمان بالله والإخلاص لدعوة الله فيمكن لهم إقرار الحق، وبث العدل، وإقامة النظام على الوجه الذي يسعدهم ولا يشقيهم، ولو علم الناس آثار هذا المدد الإلهى، وطهروا به نفوسهم، لسخروا من وسائل التخريب والتدمير، التي يتفانى فيها رجال العصر الحاضر، والتي لا يخرج منها الفريقان إلا بالهزيمة المنكرة والضعف الشامل.
أما بعد:
فهذا هو الجو الذي نزلت فيه سورة الأنفال وهذا هو مجمل ما تضمنته من مبادىء وإرشادات.
وإلى العدد القادم إن شاء الله تعالى.