/صفحة 349/
هل تتحكم المصلحة في النهاية أو يسيطر التعصب؟
وأخيراً. هل المسلمون يريدون حقاً أن يعيشوا أو أنهم سيطلون يتهاونون حتى في وجودهم ويتركون الأمر لأعدائهم الذين يعرفون كيف ينتهزون الفرصة، ويحسنون الانتفاع بوقف كل من المتزمتين الذين يسيطر عليهم
الجمود، وأصحاب الهوى الذين يخدمون السياسات الأجنبية. وبذلك يزداد ضعفهم ويعجزهم صد أى تيار خارج على مبادئهم، فيسهل تحطيمهم والقضاء عليهم؟
كانت هذه الأسئلة تدور بخلد كل من يفكر في الإصلاح، وتراود عقل كل من يرغب في العمل لخدمة الدين والأمة.
وكان لا بد للرد عليها من تجربة تنير الطريق، وتكشف عن حقيقة حال المسلمين.
وكانت فكرة التقريب هي التجربة الأولى من نوعه في هذا المجال!
ولو أن هذه التجربة فشلت ـوالعياذ بالله ـ، لكان الجواب على تلك الأسئلة صريحاً واضحاً; فإن فشلها وإن كان في ظاهره مجرد ضياع فكرة، إلا أنه ففى حقيقته يكون حكما بعدم صلا حيتنا لعلاج أمورنا، وعدم بلوغنا مرتبة الوعى والرشد، بل يكون دليلا حتى عند أكثر الناس إنصافاً لنا، على أننا لسنا أهلا لحمل رسالة الإسلام الذي جاء ليحقق السلام، ويضمن الخير للبشر أجمعين!
ولو أنها فشلت، لما اقتصر أثرها على ضياع هذه الفكرة، بل كان يمتد على الزمن فيثبط ـ في المستقبل ـ عزيمة كل من يحاول إنجاز عمل إسلامى، أو تحقيق غاية إسلامية. بل ربما ألقى هذا الفشل، ظلا من التشكك في مبادئنا الإسلامية نفسها، فنظلم الإسلام، ونتيح للبسطاء أو المعرضين أن يحكموا عليه بتصرفاتنا نحن، وشتان بين حقيقة الإسلام وواقع المسلمين.
كان الوضع قبل تكوين جماعة التقريب يثير الشجن. فالشيعىّ والسنىّ كل كان يعتزل الآخر، وكل كان يعيش على أوهام ولدتها في نفسه الظنون، أو أدخلتها عليه سياسة الحكم والحكام، أو زينتها له الدعايات المغرضة، وساعد على بقائها قلة الرغبة في الاطلاع.
كانت الكتب المشحونة بالطعن والتجريح تتداول بين أبناء كل فريق،