/ صفحه 102/
فقال: وأجمع ملحد ومهتدى، وناكب عن المحجة ومقتدى، أن هذا الكتاب الذي جاء به محمّد صلى الله عليه وسلم (صلى الله عليه وسلم)، كتاب بهر بالأعجاز، ولقى عدوه بالأرجاز، ماحذى على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال، ما هو من القصيد الموزون، ولا في الرجز من سهل وحزون، ولا شاكل خطابة العرب، ولا سجع الكهنة ذوى الأرباب.. وأن الآية منه أو بعض الآية لتعترض في أفصح كلم يقدر عليه المخلوقون فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق والزهرة البادية في جدوب ذات نسق)). 1 هـ.
ولا يعقل أن يكون الرجل قد أسرّ في نفسه غير ما أبدى من هذا القول، ولم يضطره شيء إليه ولا أعجله أمر عن نفسه، ولا كان خلوّ رسالته منه تضيعا ولاضعفا.
قلت: وهذا كلام واضح ومقنع، لو كانت هذه الرسالة إنما جاءت أولا أعنى قبل الزمن الذي روى الرواة أن أبا العلاء عارض فيه القرآن.
وأيا ما كان فلا حجة يمكن أن يعتمد عليها في نسبة هذا الضيع إلى أبي العلاء.
* * *
وأخيرا يحدثنا السيد رشيد رضا فيقول: ((ثم ابتدع بعض الأذكياء في القرن الماضي دينا جديدا، وصنعوا له كتابا وتوخوا وتكلفوا فيه تقليد القرآن في فواصله، ودعوا محاكاته في اعجازه بهدايته ومساهمته بأنبائه عن الأمور الغائبة المستقبله فكان من خزيهم، وخذلان الله لهم أن اضطروا إلى كتمان هذا الكتاب المختلق، والافك الملفق لكيلا يفتضحوا بظهوره، وهم مازالوا ويجمعون ما كانوا طبعوه من نسخة قبل أن يظهر قيهم الداهية الواقف على مخازي تزويره، وهم يحرقون ماجمعوه منها)).
قلت: والحمدلله.
(وبعد) فهذه قصة معارضات القرآن، تبين لنا بوضوح أن المعارضة لم تقع لاحقها ولا باطلها، وما أظن أنها ستقع، وسيبقى هذا القرآن الكريم معجزاً للبشر، مانعا لهم أن يحاولوا الإتيان بشيء يشبه أو يقرب منه... إلى آخر الدهر. والحمدلله أولا وأخيرا.