/ صفحه 374/
أديب أخطأ قواعد النحو والصرف وفيه روح، ويفضلون الثاني على الأول، كأنه لا يمكن أن يجتمع لأديب أن يحافظ على هذه القواعد، وأن يكون في شعره أو نثره نسمة الحياة، إننا حين ندافع عن التزام قواعد العربية لا نغفل مايجب أن يكون عليه الأدب من قوة العاطفة، وروعة المعاني، وكذلك نحن لا نغفر للأديب ـ مهما كان في أدبه ن العمق والاتساع والعلو ـ تهاونه بقواعد العربية.
ومن الغريب أن نجد أحد نقادهم(1)يقول: لا نفهم كيف يكون الشاعر مجيداً وموفقا في تصوير مايجب أن يصوره بلغة ضعيفة؟ ثم يقول: وكم اتفق لنا ان تأثرنا بكلام خطيب يخطىء قواعد اللغة، وطرق اللفظ، أكثر مما تأثيرنا بخطيب فصيح اللسان سليم البيان، فاللغة الضعيفة لا تمنع من التأثير. وهذا حق، وسره أننا ولا تنأثر أكثر ما تنأثر إلا بما هو أقرب إلى أفهامنا وأذواقنا، وإنه لمن الجناية على الأدب واللغة أن يقول ناقد كبير معاصر: ((وآخر ماأعيره انتباها هو القواعد اللغوية))(2)، كأن الشعر والنثر يمكن أن يؤديا أغراضهما على أتم وجه دون ملاحظة هذه القواعد.
ونحن لم نقل أبدا، ولن نقول، إن ملاحظة قواعد اللغة هي كل شىء في الأدب، ولكنا نقول: إن أول ما ينبغي أن ننظر إليه هو سلامة التراكيب، ولا نسمح لكل من آنس في نفسه ضعفاً أن يقول: ((أنا اللغة)).

ــــــــــ
(1) هو الناقد ميخائيل نعمية، عن كتاب (أدبنا وأباؤنا في المهاجر الأمريكية) ص 139.
(2) هو الأستاذ جورج صيدح في كتابه (أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأمريكية).