/ صفحه 95/

مُعارضاتُ القُرآن
لصاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ على حسن العمارى
المدرس بالأزهر

ـ 3 ـ
ومن هنا نستطيع أن نقول ـ ونحن في غاية الاطمئنان ـ إن هذه الكلمات لم يقلها (مسيلمة) ولا غيره من الأعراب الأقحاح، وإنها لم توضع ليعارض بها القرآن وانما وضعت للتفكهة والسمر، وكان من تمام ذلك أن تنسب الى بعض المتنبئين، ولا نستبعد أن بعضها وضع لغاية دينية في أوهام الذين وضعوها، كأنهم كانوا يظنون أن تزول هذه المفتريات عن درجة البلاغة مما يؤكد إعجاز القرآن! مع أن ثبوت الإعجاز للقرآن ليس في حاجة الى مثل هذا، بعد ما سكت فحول البلاغة عن معارضته، فلزمت الحجة، ووضح الدليل.
* * *
وقد ذكر بعض الرواة أن الشاعر أحمد بن الحسين الشهير بالمتنبى، عارض القرآن بمائة وأربع عشرة عبرة، ولكن الإجماع قائم على أنه لم يبق منها إلا صُبابة يسيرة، لم تمحها الأجيال، وقد محيت البواقى من حفظ أول رجل سمعها. وهذه هي القطعة الباقية: ((والنجم السَّيار)) والفلك الدوار، والليل والنهار إن الكافر لفي أخطار، إمضِ على سننك، واقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فان الله قامع بك زيغ من ألحد في دينه، وضل عن سبيله)).
قال راويها: وهي طويلة لم يبق مبها في حفظى غير هذا.
والباحثون القدامى منهم والمعاصرون مختلفون في أن المتنبى ادعى النبوة حقيقة، وفي أن تلقيبه بهذا اللقب كان لهذا، ويرى المحققون منهم أن هذا اللقب إنما هو نبزٌ نُبز به، وقد كان للرجل أعداء كثيرون، وديوانه وتاريخ حياته خير شاهدين على أنه لقى من النّاس عنَستاً كثيراً، فلا يبعد أن يكونوا أرادوا به شراً، فرموه بداهية من الدواهي، ثم لزمه اللقب.