/ صفحه 97/
وادعاء مسيلة النبوة كان عن عصبية، واتباعه من قومه كان عصبية، واتباعه من قومه كان عن عصبية أيضا، أما المتنبى فيترجح عندى أنه لم يرتكب هذه الفرية، ولو كان ادعاها في حداثته فما كان ذلك إلا غروراً رجع عنه بعد قليل، وقد لازمه سُؤمه، ولكن لو كان الرجل عارض القرآن حقاً، وهو شاعر صناعته القول لحرص على أن يذيع هذه الآثار حتى ولو تاب عن ادعاء النبوة، فقد كان من الممكن أن يذيعها على أنها أدب، لا على أنها قيلت في معارضة القرآن.
وأعداؤه، لقد كانوا حتى في السن التي قالوا أنه ادعى فيها النبوة كانوا كثيرين، أفما كان من أكبرهمهم أن ينقلوا عن الرجل وأن يذيعه ما يشهد بكفره، وأن الأعداء ليتقولون في كثير من الأحيان فما كان أيسر عليهم أن يحفظوا هذه العبرات أو أكثرها لتكون سيفاً مصلتاً على رأس الرجل الذي يسعون جاهدين في إزهاق روحه.
وإذ لم يصلنا شىء من هذا القبيل إلا هذه الكلمة التي سقناها آنفا، فما أشك أنها موضوعة، أو على الأقل وصفت كذباً بأنها قيلت في معارضة القرآن.
* * *
بقى من الذين نسبت إليهم المعارضة فيلسوف الشعر أحمد بن سليمان المشهور بأبي العلاء المعرى، وقد قالوا إنه عارض القرآن بكتابه (الفصول والغايات) وقد اختار صاحب معجم الأدباء الكلمتين الآتيتين: ـ
1 ـ ((أقسم بخالق الخيل))، والريح الهابة بلَيْل، ما بين الأشراط ومطالع)) ((سهيل، إن الكافر لطويل الويل، وان العمر لمكفوف الذيل، اتق مدارج)) ((السّيْل، وطالع التوبة من قبَيْل، تنج، وما أخالك بناج)).
2 ـ ((أذلت العائذة أباها، وأصاب الوحدة وربّاها، والله بكرمه اجتباها، أولاها الشرف بما حباها، أرسل الشمال صباها، ((ولا يخاف عقباها))، وقد ذكرو أنه قيل له: ما هذا ألا جيد غير أنه ليس عليه طلاوة القرآن.
قال: حتى تصقله الألسن في المحاريب أربعمائة سنة، وعند ذلك انظروا كيف يكون.