ـ(232)ـ
إن جميع الموجودات وكل الأشياء ـ بما فيها الإنسان وطبقاً للنص القرآني ـ تعيش في ظل هداية تكوينية فطرية، فهي هداية تقودها إلى الله، ولقد منح الله تبارك وتعالى جميع الكائنات هذه الموهبة دون تفرقة، أي: أنه منحهم هذه النعمة بشكل عام، فلم يخلق جماعة على فطرة الإيمان وجماعة أخرى على غريزة الإلحاد أو الكفر، كلا، إنما هي فطرة واحدة فطر الناس عليها.
كما ورد مصطلح(الفطرة) في بعض الأحاديث الشريفة نورد منها ما يلي:
قال صلى الله عليه وآله:(أفضل ما يتوسل به المتوسلون: كلمة الإخلاص فإنها الفطرة، وأقام الصلاة فإنها الملة)(1).
وقال صلى الله عليه وآله:( ما من مولود إلاّ ويولد على الفطرة، ثم أبواه يهودانه أو ينصرانه، أو يمجسانه). وهذا يعني: أن فطرة الله هي: التوحيد الخالص.
وقال الإمام علي (عليه السلام):(وجبار القلوب على فطرتها)(2).
المعنى اللغوي
إن المعاجم اللغوية لا تضع أيدينا على المعنى اللغوي المراد بمفهومه الدقيق لتعريف(الفطرة)، وإنما تكشف لنا عن الوجوه المتشعبة لمعاني هذه الكلمة؛ لأن مهمتها هي: ضبط الألفاظ، لا تحديد معانيها، فالذي يراجع معنى(الفطرة) في قواميس ومعاجم أهل اللغة يجد لها معان عديدة.
قال الأزهري:( قال ابن عباس: كنت ما أدري ما فطر السماوات والأرض، حتى احتكم إلي أعرابيان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي: أنا ابتدأت حفرها)(3).
_______________________________________
1 ـ مجمع البحرين للطريحي 3: 440.
2 ـ عوالي اللئالي 1: 35 ح 18، والفطرة للشهيد الشيخ المطهري: 14، ونقل الحديث عن ابن الأثير.
3 ـ تهذيب اللغة للأزهري: "مادة فطر".