ـ(159)ـ

الخلقي على تقدير وجوده.
3 ـ وتتصل أخيراً بنظرية التكليف، وان الله هل يكلف طبقاً لمقياس موضوعي يكمن في الأفعال، أم انه بتكليفة يوجد القيمة الخلقية في الفعل؟
وهذه القضايا شغلت الفكر الإسلامي على امتداد مذاهبه واتجاهاته، وتعددت الآراء في تحديد الموقف من كلّ من تلك القضايا تبعاً لاختلاف طريقة قراءة النصوص الدينية والاستفادة منها، وتبعاً لاختلاف المزاج العلمي للأشخاص.
ونحن بدورنا نحاول أن ندرس الاتجاهات والمواقف التي ظهرت إزاء مسألة التحسين والتقبيح.
وفي الواقع ظهرت عدة اتجاهات فكرية، وصاغت مواقف تختلف بعضها عن البعض، من هنا لابد أن نتناول هذه الاتجاهات مع ذكر أدلتها، ومالها، وما عليها.

الاتجاه الأول:

ما ذهب إليه المعتزلة من عقلية الحسن، والقبح إلاّ أنهم اختلفوا حول سبب ذلك، فالأقدمون منهم قالوا: أن الأفعال: حسنها، وقبحها لذاتها، والمتأخرون منهم قالوا:

"ليس القبح والحسن لذاته بل لصفة موجبة لأحدهما"(1)، وذهب الجبائي، وابنه والقاضي، وهم جميعاً من المعتزلة إلى:
"نفي الوصف الحقيقي للفعل بالحسن، والقبح، وقالوا: ليس قبح الأفعال، وحسنها لصفات حقيقية بل لوجوه اعتبارية وأوصاف إضافية بحسب الاعتبار،
__________________________________
1 ـ نظرية التكليف: ص 439.