ـ(190)ـ
والموازين الإلهية، وهذا الطارئ لم يكن وليد المرحلة الراهنة، وإنّما أوجده الماضي بما فيه من أحداث ومواقف وولاءات متناقضة، اختلفوا وتنازعوا في الأمر في زمن الفتوحات والغنائم، اختلفوا بعد أن هوت عروش القياصرة والأكاسرة بأيديهم، واختلفنا نحن على لاشيء، اختلفنا والأعداء يحيطون بنا من كلّ حدب وصوب، يريدون القضاء علينا، وتصفية كياننا وطمس مبادئنا وقيمنا، اتحدوا وهم مختلفون عقيدة ومنهجاً وسلوكاً، وبقينا نحن متفرقين وجميع ما نرتبط به يدعونا للوحدة، والوحدة والتآلف في هذه المرحلة حاجة ضرورية لمواجهة المؤامرات التي تحاك ضد عقيدتنا وضد كياننا في زمن ذهبت فيه خلافتنا وتجزأت دولتنا الواحدة، ولازالت بعض أراضينا بيد أعدائنا، ولازالت أغلب الثروات تستثمرها الدوائر الاستكبارية، فالمصلحة الإسلاميّة تفرض علينا العمل من أجل التقريب والوحدة، وأهم من كلّ ذلك أن الوحدة تكليف الهي، هو أهم التكاليف الموجهة للفرد المسلم أو للأمة الإسلاميّة، فلتكن كلّ نشاطاتنا وأعمالنا متوجهة للتقريب والوحدة، فالالتزام بالتكاليف الإلهية من صلاة وصوم وحج وزكاة وغير ذلك يبقى مبتوراً ولا يحقق ملاكه الواقعي في حالة التمزق والتشتت والتنازع.
وقد ازداد عدد الداعين للوحدة ورص الصف الإسلامي في هذه المرحلة، وتنوعت أساليب دعوتهم، ولكنها بقيت في حدود الصيحات ولم يتحقق منها في الواقع إلاّ الخطوات البطيئة في مجال التقريب، وقد قامت الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية بخطوات تقريبية ولكنها غير كافية لتوحيد كلّ الأمة الإسلاميّة ما لم تكن الوحدة هماً دائماً لكل العلماء والمفكرين في طول الأمة وعرضها، وقد اخترنا كتاب (لا سنة ولا شيعة) للدكتور محمّد علي الزعبي، أستاذ الفلسفة وله علاقات وثيقة مع دعاة الوحدة السابقين، منهم: الشيخ عبدالله الجزار، والشيخ توفيق