ـ(58)ـ
الحديثة وأنها لذلك جديرة بأن تشغل مكانة ممتازة بين مصادر القانون المقارن وأنها تحمل العناصر التي تجعلها صالحة للتطور مع حاجات الزمن والمدنية(1).
إنّ ما يستلزمه البحث هنا ضرورة التمازج والتلاقح بين الأفكار التي قد تتوفر متكاملة ناضجة في مذاهب فعل البيئات الإسلاميّة واختلافها مما تحتاجه مذاهب أخرى لها تتصف بالنمو والتطور في موضوعات معينة وهذه الضرورة هي من مقومات تكامل المذاهب الفقهية التي ينظر إليها القضاء الإسلامي في حركته داخل مجاله التطبيقي ولذلك وجدنا أن فقهاء المسلمين كانوا حريصين على جمع الأقضية منذ عصر الرسالة وما بعدها فيما حصل من تطبيقات قضائية من الصحابة والتابعين لأن في معرفتها ضمانا لقضاياهم من أن تحيد عن المبادئ الإسلاميّة خاصة بعد أن توسع المجال العملي الذي كان يمارس من خلاله القاضي صلاحياته كما في المسائل الإدارية والعسكرية التي أوكلت به وهكذا بالنسبة إلى شؤون الحسبة ومراقبة الحركة التجارية والاضطلاع بمهمات السلطة التنفيذية والأشراف عليها وكثيراً ما كان يحاج القضاة بعضهم بعضاً حتّى في الآراء الفقهية بما عرف عن السلف الصالح من قضاء وآراء في الدعاوى(2).
ومؤدى ما يفتح نافذة التقريب بين المذاهب المختلفة التي يوحدها نفاذ حكم القاضي في حقها هو تقرير "إنّ الله تعالى جعل للحكام أن يحكموا في مسائل الاجتهاد بأحد القولين، فإذا حكموا بأحدهما كان ذلك حكماً من الله تعالى في تلك الواقعة، وأخبار الحاكم بأنه حكم فيها كنص من الله ورد خاص بتلك الواقعة معارض لدليل المخالف لما حكم به الحاكم في تلك الواقعة"(3).
أن عملية الانصهار والذوبان التي يمارسها القضاء عملياً بالنسبة إلى الآراء والاتجاهات المختلفة الموضوعة أمام الموضوعة أمام القاضي كحلول ناجعة نتجت من اجتهاد المجتهدين، وصاغتها العقلية الفقهية في مجالها الافتراضي بلوغاً إلى ما يحسم