الشيخ شهرياري : اكبر منجزات المقاومة هو النفوذ في القلوب

الشيخ شهرياري : اكبر منجزات المقاومة هو النفوذ في القلوب

قال الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الشيخ الدكتور حميد شهرياري : نحن ربما نستطيع ان ندافع عن ارضنا في الساحات العسكرية باستخدام الهاونات والصواريخ، لكن ذلك لا يكفي وانما يجب ان ندخل في قلوب الناس ونحكمها.


الشيخ شهرياري قال ذلك خلال اجتماعه، مساء الاحد، مع ضيوف "مؤتمر التضامن مع الاطفال واليافعين الفلسطينيين- احياء ذكرى الفتى الفلسطيني الشهيد محمد الدرة" الذي عقد لدورته الثامنة باستضافة الجمهورية الاسلامية الايرانية؛ حيث قدم الشكر الى جميع القائمين على تنظيم مثل هذه الملتقيات اسنادا ونصرة للقضية الفلسطينية. 

وأشار فضيلته إلى الظروف العصيبة التي تسود العالم، وخاصة في فلسطين، قائلا : إن عامين من المقاومة في مواجهة شتى أنواع أسلحة الدمار الشامل، والتشريد، وتدمير المدارس والمستشفيات والمناطق السكنية، وتيتم واستشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ترك جرحا عميقا في قلب الأمة الإسلامية وكل إنسان واعٍ وحرّ.

وأكد الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية على أن المقاومة واجب لا يحدّه الوقت؛ مبينا : ان المقاومة تكليف دائم لنا وليست محدودة بوقت معين، وكل اجتماع حول السلام يثير في داخلنا غليانا، لأن خلف كل سلام تختبئ دماء، ويتم، ودمار، وآلام كثيرة، لافتا في الوقت نفسه الى انه "في هذين العامين من المقاومة، تحققت إنجازات عظيمة، أهمها اليقظة الإنسانية، ليس فقط في الأمة الإسلامية، بل في الضمير العالمي".

وتابع الشيخ شهرياري : اليوم تحولت "إسرائيل" الى كيان مبغوض على مستوى العالم، بل وتشكّل إجماع عالمي ضد هذا الكيان، حيث ان مليارات الدولارات التي أُنفقت على الإعلام خلال نصف قرن لتصوير "إسرائيل" في موضع المظلومية ولإيصال فكرة أمنها وشرعيتها، ذهبت سدى وأتت بنتائج عكسية؛ هذا هو أعظم انتصار في الحرب المعرفية.

ومضى الى القول : ربما نستطيع الدفاع عن أرضنا في الميدان العسكري بالهاونات والصواريخ، لكن ذلك لا يكفي، يجب أن نحكم على قلوب الشعوب في العالم أيضًا، لان الدخول الى القلوب والتحكم بها هو أعظم إنجاز للمقاومة؛ نحن استطعنا أن نُظهر للعالم بأن المقاومة في وجه الكفار المسلحين هي ابداع وإيمان حقيقي، وفي مقدمة هذا الصمود تقف النساء والأطفال الفلسطينيون المظلومون. 

واستطرد : عندما أتحدث عن ابداع الفلسطينيين، لا أقصد فقط القوات المسلحة، بل كل من نصب خيمة وسط الدمار، وقال "لن نرحل إلا إذا خرج العدو من أرضنا"؛ هؤلاء هم جنود الحرب المعرفية الذين غيّروا الضمير العالمي.

وأشار الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية إلى "محادثات السلام"، وقال : الآن وقد وصلنا إلى هذا الإنجاز العظيم، فإن المقاومة مستمرة، لكن محادثات السلام في "شرم الشيخ" تعيد الينا ذكريات الماضي الأليمة وتدفعنا للتأمل، فالأعداء يسعون الى تغيير ساحة الحرب المعرفية لصالحهم، لكن السؤال هو : ما مسؤوليتنا تجاه هذه المحادثات؟ كيف يمكننا أن نسمح بتقليص المقاومة إلى مجرد خطاب سلام؟

واستدل فضيلته بالآية الكريمة [محمد رسول‌الله و الذین معه أشداء علی الکفار رحماء بینهم]، واضاف : ان هذه الآية، تشير الى صفتين للنبي (ص) وأصحابه؛ الشدة في مواجهة الكفار والرحمة بين المؤمنين، هاتان الصفتان متداخلتان وملازمتان لبعضهما، أي أن المقاومة في وجه الكفار والرحمة بين المؤمنين هما وجهان لحقيقة واحدة.

وتابع الدكتور شهرياري : إذا أردنا أن نسير في طريق السلام، يجب أن نطرح محاور أساسية على طاولة الحوار:  أولًا، الانسحاب الكامل للجيش الصهيوني من الأراضي المحتلة، ثانيًا، فتح المعابر، ثالثًا، إرسال المساعدات الانسانية بحرية إلى الجائعين والعطاشى، رابعًا، تمكين سكان غزة من تقرير مصيرهم، وخامسًا، تشكيل دولة فلسطينية مستقلة؛ مؤكدا بان هذه هي المطالب الحقيقية للشعب الفلسطيني التي يجب أخذها بعين الاعتبار في أي محادثات سلام.

وأكد شهرياري على ضرورة التوازن بين المقاومة والرحمة، موضحا : ان الرحمة بين المؤمنين في فلسطين تعني إنهاء معاناة من بقي من هذا الشعب، فكل فلسطيني فقد أبًا أو أمًا أو زوجًا أو طفلًا يحمل ألمًا يجب أن ينتهي. وإذا أردنا أن تظهر الرحمة فيما بيننا، فعلينا أن نسعى لإنهاء آلامهم. 

وتابع : لذلك، يجب أن يكون الخطاب الفلسطيني محور السلام، فهم أصحاب الساحة الحقيقيون والمجربون للآلام؛ نحن خارج الساحة، كنا شهودًا وداعمين، لكن هذا الشعب هو من ذاق الألم الحقيقي، لذلك يجب أن ندعم قراره الشعب بشان مستقبله.

وأشار الامين العام للمجمع العالمي للتقريب في الختام : إذا كانت المقاومة هي الأصل، فإن تفسيرها الجديد اليوم يتجلى إلى جانب الرحمة؛ نحن لم نتخل عن المقاومة، وفي الوقت نفسه نرحب بمحادثات وقف اطلاق النار، لأن ذلك ليس علامة على التراجع، بل هو تجلٍ للرحمة ونهاية لمعاناة من بقي من الفلسطينيين؛ مبينا ان "هذا التوازن بين الشدة والرحمة يجب أن يكون أساس حركة الأمة الإسلامية".