تقرير عن المؤتمر العالمي العاشر للوحدة الإسلامية

تقرير عن المؤتمر العالمي العاشر  للوحدة الإسلامية

 

 

تقرير عن المؤتمر العالمي العاشر  للوحدة الإسلامية

 

محمد علي رباني

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

تزامناً مع المولد النبوي الشريف عقد المؤتمر العالمي العاشر للوحدة الإسلامية بمشاركة أكثر من 65 شخصية علمية وفكرية مسلمة من 30 بلداً فضلاً عن أكثر من 400 شخصية فكرية وجامعية من داخل الجمهورية الإسلامية خلال أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء 15 و16 و17 ربيع الأول 1418 في طهران عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وقد تدارس المفكرون والعلماء من الجمهورية الإسلامية وخارجها خلال أيام المؤتمر الذي أقيم بالتعاون بين المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ورابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في مجمع الإمام الخميني(قدس سره) الأوضاع السياسية والاجتماعية للدول الإسلامية وبحثوا في الحريات الأساسية ودور الناس في الحكومة الإسلامية والعلاقات الدولية والهيكل الإداري في النظام الإسلامي والتقنين ودور ولي الفقيه في الحكومة الإسلامية وغيرها.

موضوع المؤتمر لهذا العام كان الحكومة من منظار المذاهب الإسلامية

ـ(238)ـ

واشتمل على ثلاثة محاور هي: أسس الحكومة الإسلامية، أنظمة وتشكيلات الحكومة الإسلامية والأوضاع السياسية والاجتماعية في الدول الإسلامية.

عقدت خلال المؤتمر ثلاث جلسات عامة ولجنتان تخصصيتان حيث قدم المحاضرون دراساتهم حول موضوعات المؤتمر...

هذا ومن أجل عرض صورة عامة عن برامج المؤتمر والأبحاث التي ألقيت فيه نقدم فيما يلي تقريراً إجمالياً عن وقائع هذا المؤتمر العالمي الكبير يتضمن وقائع الجلسات العامة والتخصصية والنشاطات الجانبية.

 الجلسة العامة الأولى للمؤتمر(افتتاحية المؤتمر):

افتتح في حسينية الزهراء عليها السلام بمجمع الإمام الخميني(قدس سره) صباح الاثنين 15 ربيع الأول 1418 المؤتمر العالمي العاشر للوحدة الإسلامية بمشاركة اكثر من 500 شخصية علمية وفكرية من30 بلداً.

بعد تلاوة معطرة من الذكر الحكيم تحدث آية الله واعظ زاده خراساني الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية حيث هنا المسلمين بذكرى مولد الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم ورحب بالضيوف الكرام الذين وفدوا إلى إيران الإسلام من شتى أنحاء العالم وأشار إلى الإساءة الأخيرة التي وجهها الصهاينة لشخص الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم مؤكداً على ان المسلمين عبّروا عن أسفهم واستيائهم لهذه الخطوة الصهيونية الصلفة.

وفي جانب آخر من كلمته أشار الأستاذ واعظ زاده الخراساني إلى الموضوع الرئيسي الذي اختاره المؤتمر للدراسة والبحث وهو موضوع الحكومة من منظار المذاهب الإسلامية وأكد ان هذا الموضوع يتميز بالحساسية الشديدة حيث يجمع المسلمون بكافة مذاهبهم على ضرورة تأسيس الحكومة الإسلامية.

ـ(639)ـ

كلمة آية الله هاشمي رفسنجاني رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مراسم الافتتاح

ألقى السيد هاشمي رفسنجاني رئيس الجمهورية الإسلامية في مراسم افتتاح المؤتمر كلمة قيمة هنأ في مستهلها المسلمين بحلول ذكرى المولد النبوي الشريف.

وأكد قائلا: ان موضوع الحكومة الإسلامية يعتبر من المواضيع الحساسة التي أثارت الكثير من الأمور عبر التاريخ الإسلامي حيث تمت مناقشته من قبل المؤيدين والمعارضين على حد سوءا.

وضمن إشارته إلى ان التعمق في أحداث العقود القليلة الأخيرة يثبت أن الكثير من الأشخاص كانوا يقولون بعدم إمكانية إقامة الحكومة الإسلامية.

أكد سيادته: إلا انّ نظرية أخرى انتشرت في صفوف المسلمين خلال العقود الأخيرة أكدت ان الإسلام يمتلك نظاماً حكومياً يمكنه ان يدير شؤون المجتمعات الإنسانية.

وفي جانب آخر من كلمته أشار الرئيس رفسنجاني إلى ان اختلاف المسلمين يسهل التسلط الاستكباري على شؤونهم ومقدراتهم وأضاف قائلاً: ان مصالح الغربيين والاستكبار العالمي تتناقض مع إقامة الحكومة الإسلامي لذلك نرى ان الاستكبار يدافع عن التيارات الباطلة وفي المقابل يهاجم التيارات الإسلامية المخلصة.

وضمن تأكيده على أهمية دراسة السبل العملية الكفيلة بتطبيق الحكومة الإسلامية اعتبر الرئيس رفسنجاني التجربة الإسلامية في إيران التي مضى عليها حوالي عشرين عاماً نموذجاً جيداً ومناسباً أمام المسلمين لأنها سعت إلى تطبيق الأفكار الإلهية في الحكومة الإسلامية في مختلف الساحات المادية والمعنوية.

كذلك أشار الرئيس هاشمي رفسنجاني إلى الأوضاع السائدة حالياً في العالم الإسلامي وأكد ان الغرب يتعامل بشكل متناقض وغير منطقي مع قضايا العالم

ـ(640)ـ

الإسلامي واعتبر سيادته أن العالم الإسلامي يمتلك الكثير من الطاقات الإنسانية والإمكانات والثروات العلمية والاقتصادية ويتميز بالموقع الجغرافي الستراتيجي وينبغي الاستفادة من هذه الطاقات والإمكانات تحقيقا للوحدة الإسلامية المنشودة وتسخيرها لمواجهة الإجراءات التوسعية للاستكبار العالمي.

وفي ختام كلمته خاطب رئيس الجمهورية الإسلامية الحاضرين قائلاً: أيها العلماء والمفكرون... لا تسمحوا للمسلمين ان يتصارعوا ويتنازعوا فيما بينهم حيث ان واجب العلماء والمفكرين في المجتمعات الإسلامية يمكن في السعي من أجل تعزيز أركان الوحدة الإسلامية. واضاف قائلاً: إن الارتباط المعنوي والمصالح المشتركة بين المجتمعات الإسلامية تلعب دوراً كبيرا في تحقيق التقارب بين الشعوب الإسلامية.

بعد كلمة الرئيس هاشمي رفسنجاني القى عدد من الشخصيات العلمية والفكرية محاضرات قيمة حول المحاور المختلفة لموضوع المؤتمر..

فقد تحدّث حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد علي التسخيري رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية محاضرة بعنوان(خصائص دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية) حيث قدم شرحاً وافيا لمبادئ ومواد الدستور الإسلامي واصفاً هذا الدستور بأنه اشمل وأكمل الدساتير البشرية لاحتوائه على مضامين إنسانية ومعنوية سامية مؤكدا ان الدستور الإسلامي يتضمن أصول ومبادئ تؤكد على الحياة العقائدية والتصور العام عن الكون حيث تمثل أهم عناصره الوحي الإلهي، الإيمان بالمعاد والحياة الأخرى، العدالة في التكوين والتشريع، الكرامة وحرية الإنسان، القسط والعدل والاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي.

المحاضر الثاني العلاقة الشيخ محمد تقي الجعفري الفيلسوف والمفكر الإسلامي الكبير الذي تحدث حول(حكومة الله) حيث أكد قائلاً: رغم ان جميع الحكماء والعلماء والمفكرين يختلفون في الكثير من الأمور مثل النظرة الكونية ومعرفة الإنسان

ـ(641)ـ

إلا أنهم يتفقون على أن الإنسان في مسيرته التكاملية يصل إلى تلك العظمة والاستقلال الذي يمكّنه ان ينمي مبادئه الأصيلة التي تلعب دوراً مهماً في تقرير مصيره وهو في هذه الحالة يتمتع بالحياة المعقولة.

وأضاف العلامة الجعفري يقول: ان البحث الجاد عن الحرية وقدرة الانتخاب تعتبر من أهم الأمور التي تميز الإنسان وهو يمثل أبرز الأدلة على الحاكمية الإلهية..

لذلك فإن حاكمية لله تعني إن الله سبحانه نثر بذور الخير والكمال في وجود الإنسان وينميها بفعل العقل والوجدان وإرسال الأنبياء العظام ويطلب من الإنسان ان يجني ثمارها.

المحاضر الثالث في الجلسة الأولى الأستاذ محمد أمين خليفة من السودان الذي ألقى محاضرة بعنوان(الحريات الرئيسية وحقوق البشر في الإسلام) حيث أكد أن القرآن الكريم يتضمن الكثير من الآيات حول الحرية والكرامة الإنسانية... لذا فان الإنسان يتميز بالفضيلة ويتمتع بالحقوق الإنسانية السامية التي وهبها الله سبحانه لـه...

كذلك تطرق المحاضر إلى بعض مبادئ الحقوق الرئيسية من منظار الإسلام.

بعد ذلك أنشد الأستاذ زكي خصاونة من الأردن قصيدة شعرية رائعة في مدح الرسول الأكرم محمد صلّى الله عليه وآله وسلم.

ثم ألقى أية الله محمد إبراهيم جناتي من أساتذة الحوزة العلمية في قم الذي أكد: أننا نمر في عصره تغمره جاهلية جديدة حيث نشهد الحروب والنزاعات وإلصاق التهم ونشر التعصب المذهبي بينما الفطرة الإلهية والعقل الإنساني والمدارس الفلسفية والكلامية والأخلاقية الموجودة تؤكد على وحدة وتضامن اتباع المذاهب الإسلامية.

ثم تحدث الأستاذ علي احمد الزين من إندونيسيا حول العوامل التي تفرق صفوف المسلمين وأكد أن السعي من أجل الوحدة واجب شرعي والهي وأن التفرقة عمل شيطاني وخاطب المؤتمرين قائلا: لو افتقدت الأعمال التي نقوم بها من أجل

ـ(642)ـ

الوحدة الإسلامية الإخلاص فاننا لن نحصل على النتيجة المطلوبة. وضمن تأكيده على الدور البناء الذي لعبته الثورة الإسلامية في تعزيز أواصر الأخوة الإسلامية أعرب عن أمله في أن تحل الوحدة والتآلف القلبي محل الاختلافات والنزاعات.

كما تحدث الدكتور علي محمدي من جامعة قطر حيث اشاد بخطوة إقامة مؤتمر الوحدة الإسلامية من قبل الجمهورية الإسلامية في الوقت الذي تتعرض فيه الأمة الإسلامية لهجوم صلف من قبل الاستكبار والصهيونية العالمية وأعرب عن أمله في أن تستفيد المجتمعات الإسلامية من تجارب الجمهورية الإسلامية في تحقيق التقدم في مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية.

وتحدث أخيراً الأستاذ محرم ناجي من قادة الطائفة العلوية في تركية حيث أشار إلى الاختلافات الموجودة بين الدولة الإسلامية مذكراً أن بعض الدول تتعامل بشكل سلبي مع مذهب الإمام الصادق عليه السلام ولا تعترف إلا بمذاهب أهل السنة بينما يعتبر هذا المذهب من المذاهب الإسلامية الأصيلة... وأعرب عن أمله في أن يلعب هذا المؤتمر دوره في التعريف بالمذهب الجعفري والإقرار به رسمياً في جميع الدولة الإسلامية.

الجلسة العامة الثانية للمؤتمر:

استهل الجلسة آية الله السيد محمد باقر الحكيم بمحاضرة قيمة بعنوان(الحكومة الإسلامية والنهضة الإسلامية العالمية) حيث تطرّق بإسهاب إلى الدور البناء والمؤثر للحكومة الإسلامية في الحياة الفردية والاجتماعية والتحولات السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمعات الإنسانية مؤكدا على أن الحكومة الإسلامية وخلافاً للآراء السائدة في المدرستين الاشتراكية والليبرالية ليست انعكاسا للتغيرات الفردية والطبقية بل ان الحكومة الإسلامية تلعب دورا مؤثرا وبناء في تكامل المجتمع الإنساني.

لذلك فإن هناك علاقة وطيدة بين الحكومة وإصلاح المجتمع حيث ان الحكومة

ـ(643)ـ

كما يراها الإسلام تتميز بامتلاكها قيادة صالحة وعادلة ومعادية للظلم والفساد..

المحاضر الثاني في الجلسة كان الأستاذ هادي آونج عضو البرلمان الماليزي وعضو المجلس الأعلى لمجمع التقريب الذي ألقى محاضرة حول أهمية وضرورة الحكومة الإسلامية أكد فيها أن الصحوة الإسلامية المعاصرة أدت إلى انطلاق الدعوات المنادية بإقامة الحكومة الإسلامية واشار إلى ان جميع المذاهب الإسلامية تجمع على ان الحكومة الإسلامية تمثل ضرورة مؤكدة لأنه بدون تحقيق مثل هذا الأمر فان أي مسعى في سبيل التكامل وتحقيق المصالح العليا للمجتمع البشري أمر لا طائل منه.

بعد ذلك القي الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله في لبنان محاضرة بعنوان(الصحوة الإسلامية في العالم المعاصر ودور التقريب في تعميقها) أشار فيها إلى ان واجب العلماء يمكن في توضيح الحقائق الثقافية للمجتمعات الإسلامية وتدوين المشتركات في العقائد والأفكار وتنقيح موارد الاختلاف حتى تحول دون تعمق الاختلافات والنزاعات بين مذاهب المسلمين.

كذلك ألقى الشيخ الهنوطي إمام جمعة مسجد دار الهجرة في أميركا محاضرة أكد فيها ان المذاهب الإسلامية تشترك في 90 % من قضاياها ودعا المسلمين إلى تجنب طرح النقاط المفرّقة والابتعاد عن التعصب في وقت تشتد فيه الهجمات الاستكبارية ضد العالم الإسلامي.

أما الشيخ صلاح الدين اوزگوندوز من تركية فقد ألقى محاضرة بعنوان(التقنين في الإسلام) شرح فيها الاختلاف الموجود بين التقنين في الحكومة الإسلامية والحكومات غير الإسلامية مؤكداً ان أسباب الاختلافات الموجودة بين اتباع المذاهب الإسلامية في الماضي والحاضر تعود إلى السياسة حيث توجه الاختلافات في بعض الأحيان من خارج العالم الإسلامي.

ـ(644)ـ

كما ألقى العلاّمة مقصود القادري من باكستان محاضرة وصف فيها الإسلام بأنه دين موّدة ورحمة للمجتمعات البشرية جاء به الرسول الأكرم محمد صلّى الله عليه وآله وسلم للبشرية.

وألقى الشيخ عبد الباري بعدراني من سورية محاضرة أكد فيها على ضرورة التمييز بين أصل الإسلام وفهم الناس للإسلام، كما أشار إلى ان المفاهيم الفقهية والمذهبية مهما تكن مقتبسة من الإسلام ولكننا لا يمكن ان نعتبرها هي اصل الإسلام.

هذا وقد تحدث في الجلسة كل من الأساتذة والشيوخ مرسل نصر من لبنان والدكتور بي آزار شيرازي ومحمد العاصي من أمريكا حول العديد من المواضيع التي تهم الأمة الإسلامية مثل عوامل تفرّق واختلاف المسلمين وموقع الحكومة الإسلامية حيث أشار السيد مرسل نصر إلى أن الغزو الاستكباري للمجتمعات الإسلامية وزيادة تغلغل العلماء الفاسدين في المجتمعات الإسلامية والاتحاد المشؤوم بين الحكام الفاسدين وبعض وعّاظ السلاطين تمثل أسباب تخلف واختلاف المسلمين... كما أشار الأستاذ العاصي إلى الأخطار الداخلية التي تهدد المجتمعات والحكومة الإسلامية وأكد على الدور المخرب للقوى الاستكبارية في أيجاد الانحراف والاختلاف في المجتمعات الإسلامية وتضعيف أسس الحكومة الإسلامية.

كذلك تطرق الدكتور الشيرازي من الجمهورية الإسلامية إلى الأدلة التي تؤكد وجوب الحكومة الإسلامية من الناحيتين العقلية والشرعية وأشار إلى بعض الآراء المشتركة بين المذاهب الإسلامية.

الجلسة العامة الثالثة والاختتامية:

انعقدت الجلسة العامة الثالثة برئاسة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ التسخيري رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية.

وتحدث في هذه الجلسة ضيوف من طاجيكستان وأميركا فالدكتور مراد الله

ـ(645)ـ

دولت أوف من طاجيكستان ثمّن جهود ومنجزات الثورة الإسلامية ودورها في التخلص من الهيمنة الاستكبارية وترسيخ أركان وحدة الأمة الإسلامية وأعرب عن أمله أن تستعيد المجتمعات الإسلامية في ظل القرآن والأحكام الإسلامية العليا عزتها وكرامتها المتمثلة بالوحدة الإسلامية.

وتطرق السيد وارث الدين محمد نجل عالجياه محمد قائد الزنوج الأميركيين إلى دور القرآن في هداية البشر في الحياة الاجتماعية والسياسية وأكد على ان المسلمين ينبغي ان يواجهوا التحديات المعاصرة في ظل تعاليم القرآن.

آية الله عباس علي عميد الزنجاني من إيران شرح الآراء الموجود حول الإمامة والأُمة والوحدة واعتبرها الأركان الرئيسية الثلاثة للمجتمع والدين أما الشيخ عبد العزيز عودة من فلسطين فقد ركز على ضرورة بذل الجهود للوقوف صفاً واحداً أمام تحديات أعداء الإسلام واعتبر أن تعاليم القرآن والسنة تعتبر طريقاً لتحقيق وحدة الأمة الإسلامية.

ثم ألقى السيد حسن آقصاي من تركيا كلمته وأشاد فيها بدور الجمهورية الإسلامية في تحقيق الوحدة الإسلامية وتحدث حول أسباب الوحدة في المجتمعات الإسلامية.

والشيخ صلاح الدين من البنغلادش ألقى كلمته حول أهداف الحكومة الإسلامية وواجباتها وأشار إلى التجربة الناجحة للجمهورية الإسلامية في إيران في تحقيقها للأهداف الدينية والتنمية الاقتصادية والسياسية واعتبر هذه التجربة دليلا على قابلية الدين للتطبيق والحكم في المجتمعات البشرية.

والشيخ احمد آونج رئيس جمعية العلماء بماليزيا تطرق في حديثه إلى قضايا العالم الإسلامي وتحديات الاستكبار العالمي وأشار إلى الأزمات الموجودة في المجتمعات الإسلامية والى مواقف الجمهورية الإسلامية حول أحداث الشرق

ـ(646)ـ

الأوسط وفي الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم.

اللجان التخصصية في المؤتمر:

في الجلسة المسائية من اليومين الأول والثاني للمؤتمر الدولي العاشر للوحدة الإسلامية، انعقدت لجنتي «العالم الإسلامي» و«نظام الحكم الإسلامي»، حيث قام خلالهما الضيوف بطرح آرائهم ومداخلاتهم وناقشوا الموضوعات المطروحة.

وقد تم في اللجنة الأولى للمؤتمر التي انعقدت برئاسة آية الله واعظ زاده الخراساني الأمين العام للمجمع العالمي لتقريب المذاهب الإسلامية، بدراسة أسباب تطور أو تخلف المسلمين، بمساهمة عشرة من المشاركين ومنهم حجة الإسلام والمسلمين علي دواني(إيران)، السيد جليل عبد العزيزي(الهند)، والسادة نصيري، عاشوري لنگرودي، الخزرجي، نعيم آبادي والعسكري(إيران) وتضمنت أعمال اللجنة نقاشات وطرح الأسئلة من قبل سائر المشاركين وقد تم في النهاية تلخيص المداخلات من قبل رئيس الجلسة جاء فيه مايلي:

ان مجموعة من العوامل الثقافية والسياسية والأخلاقية والاقتصادية كانت مؤثرة في تخلف المسلمين أو ازدهار حضارتهم في تاريخهم الماضي والمعاصر ومنها: القيادة والحكم في المجتمع الإسلامي، صلاح العباد أو فسادهم، انتشار القيم الأخلاقية والثقافية في المجتمعات الإسلامية أو انحطاطها، دور الاستكبار والاستعمار، نفوذ التيارات المنحرفة والتعصبات الجاهلية، وعي المسلمين أو جهلهم بالنسبة لأوضاع اخوتهم ومعتقداتهم.

وفي الجلسة الثانية طرحت قضايا العالم الإسلامي ومشكلاته والصحوة الإسلامية وعوامل التفرق والوحدة في صفوة الأمة الإسلامية هذا وقد شارك في هذا الجلسة 45 شخصاً من الضيوف الإيرانيين والأجانب وطرحوا آرائهم والقوا كلماتهم.

ـ(647)ـ

فتحدث الشيخ مرسل نصر رئيس محكمة الاستئناف العليا في لبنان حول الأوضاع السياسية والاجتماعية الراهنة للدولة الإسلامية وضمن قراءة سريعة للتحركات المعادية للتقريب وإثارة الخلافات في المجتمعات الإسلامية على مدى التاريخ، ثمن الجهود التي بذلها بعض علماء الإسلام خاصة في القرن الأخير في مجال الإصلاح وتحقيق الوحدة الإسلامية وعقب السيد الأمين العام لمجمع التقريب على كلمته بإيضاحات حول الجهود المبذولة من قبل دار التقريب.

كما طرح الدكتور طيب عبد الرحيم من السودان في كلمته الحواجز والتحديات التي تواجهها مسيرة الوحدة الإسلامية ومنها ـ حسب رأيه ـ علماء السوء والجهل والفهم الخاطئ للمبادئ والمفاهيم الإسلامية.

وبعد طرح الأسئلة والإجابة عليها، تقدم الشيخ نعيم قاسم من لبنان المقترحات حول تدوين الميثاق الإسلامي العالمي والمشتركات المذهبية وتجارب الجمهورية الإسلامية والحركات الإسلامية لعرضها على المجتمعات الإسلامية. كما أشار مساعد مفتي طاجيكستان إلى النشاطات التبشيرية للنصارى واليهود في دول آسيا الوسطى وخاصة طاجيكستان بعد ذلك ألقى كل من الدكتور عقيل سراج مساعد نهضة العلماء بإندونيسيا ويونس يانك سين رئيس الرابطة الإسلامية في محافظة كنسو من الصين كلمتين تضمنتا الأوضاع الثقافية للمسلمين في تلك البلاد. واعتبر الدكتور عقيل سراج دور الحركات التبشيرية للبعثات المسيحية الغربية في بلاده من الأخطار الرئيسية التي يواجهها الجيل المسلم المعاصر.

ثم تطرق إلى بعض المبادرات التي تصبو إلى إثارة الخلافات والتي تقوم بها بعض المنظمات في إندونيسيا وأوضح بأن تلك المنظمات يكفّرون كل من يختلف مع آرائهم وانطباعاتهم الضيقة الأفق عن الإسلام ويعتبرونهم منحرفين عن الدين.

وبعد مداخلات كل من السيد السقاف من الأردن والسيد جاويد روستايي من

ـ(648)ـ

إيران، قام رئيس اللجنة بتلخيص محادثات الاجتماع وأشار إلى أن أعضاء اللجنة قاموا بدراسة الأسباب التاريخية للتفرقة والاختلافات وأيضاً الظروف الراهنة للمجتمعات الإسلامية وتطرقوا إلى ما يقدم به بعض الأفراد والمراكز من تكفير المسلمين الآخرين أو تفسيقهم وأشادوا بالتحركات الإصلاحية لدار التقريب بمصر سابقاً واتفقوا على ان مبادرات إصلاحية كهذه ومواجهة العناصر المثيرة للفرقة، من أهم الضرورات في سبيل تحقيق الوحدة الإسلامية.

وفي لجنة نظام الحكم الإسلامي التي انعقدت برئاسة آية الله السيد محمد باقر الحكيم، طرحت مواضيع حول ضرورة إقامة الحكومة الإسلامية وأسبابها وخصائص الحكومة الإسلامية وصفات الحاكم المسلم. حيث قام المشاركون بطرح وجهات نظرهم وآرائهم وأجابوا على أسئلة الحاضرين وقد لخص رئيس اللجنة ما طرح في المداخلات وقال:

استنادا إلى الآيات والروايات والدليل القطعي الذي يؤكد على شمولية الإسلام وضرورة تحقيق أهدافه في سبيل تكامل المجتمع، ان إقامة الحكومة الإسلامية تعتبر ضرورة أكد عليها المشاركون وفي مجال خصائص الحكومة الإسلامية قد تم التأكيد على ان الحكم الإسلامي يرتكز على حاكمية الله سبحانه وتعالى وضرورة توفر الشروط اللازمة لى الحاكم الإسلامي من النواحي الأخلاقية والدينية كما وركز المشاركون على الدور الفعال والمهم لجماهير الشعب في اتخذا القرارات وعلى دور الحكومة الإسلامية في تحقيق الكمال الأخلاقي للمجتمع الإسلامي.

وفي الجلسة الثانية للجنة تحدث المحاضرون حول عدة موضوعات مثل مكانة الشورى في الحكومة الإسلامية، دور السلطات الثلاث وكذلك أهداف الحكومة الإسلامية.

تحدث في هذه الجلسة الأساتذة مصطفى ملص عضو تجمع العلماء في لبنان

ـ(649)ـ

والشيخ حامد بن جمعة من تنزانيا وقاضي زاده والسيد جلال مير آقائي ونعيم آبادي وصابري همداني وعبدالله غفوري من الجمهورية الإسلامية حول المواضيع السابقة.

خلال هذه الجلسة تدارس المشاركون حول ضرورة اهتمام الحاكم الإسلامي بأمر الشورى وعدم إلزام الحاكم المعصوم بتبعية الأكثرية وفيما يخص قضية هل ان الحاكم غير المعصوم ملزم بتبعية رأي الأكثرية أم لا، طرح رأيان.

وفيما يخص أهداف الحكومة الإسلامية تدارس المشاركون في قضايا مهمة ترتبط بضرورة تطبيق الأحكام الشرعية ورفع المستوى الثقافي للمجتمع وتربية وتزكية المجتمع وتوفير الآمن ونشر الإسلام وحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

منشورات المؤتمر:

بادرت الأمانة العامة للمؤتمر إلى طبع ونشر 75 مقالة من المقالات الـ 120 التي وصلت للمؤتمر فضلا عن طباعة ست كتب تحت عناوين(حديث التقريب)،(نداء الوحدة)، «رسالتان بين الشيخين» باللغة العربية كذلك(منشور التضامن)،(صدى الوحدة) و(الوحدة في مرآة الصحف) باللغة الفارسية.

كما تمت طباعة كتاب خاص حول المؤتمر تحت عنوان(تقريب 10 ) باللغتين الفارسية والعربية.

معرض الكتاب والصور:

أقيم على هامش المؤتمر معرض للكتاب والصور حول الوحدة الإسلامية وذلك في حسينية الزهراء عليها السلام ضم المعرض منشورات المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب ومؤسسة الفكر الإسلامي ودار القرآن الكريم كما أقيم معرض للصور حول الدورات السابقة للمؤتمر.

ـ(650)ـ

برامج أخرى:

قام عدد من ضيوف المؤتمر بزيارة مدينة قم واطلعوا على بعض المراكز الدينية والثقافية في هذه المدينة المقدسة.

كما قاموا بزيارة مرقد الإمام الخميني(قدس سره) وبيت الإمام الخميني وتفقدوا عددا من المراكز الثقافية والتاريخية في طهران.

كما زار الضيوف مدينة مشهد واطلعوا هناك على معالمها الدينية والتاريخية وزاروا مرقد الإمام الرضا عليه السلام كذلك أقيمت أمسيات شعرية في اليومين الأول والأخير للمؤتمر في ذكرى المولد النبوي الشريف.

ختامه مسك

لقاء الضيوف مع قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي

تزامناً مع ذكرى مولد النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم زار الضيوف المدعوين للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للوحدة الإسلامية سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي وقد تقدم آية الله واعظ زاده الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بالتبريكات والتهاني بهذه المناسبة العطرة لسماحة السيد القائد. وأضاف قائلا: «ان محبة أهل البيت في نفوس جميع أبناء المذاهب الإسلامية المختلفة من أهم عرى الارتباط والتوثيق المعنوي بين اتباع سائر المذاهب الإسلامية.

وألقى سماحة القائد كلمة قيمة أكد فيها: لو عرف المسلمون الأوضاع السائدة في العالم الإسلامي وأدركوا الأخطار التي تهددهم من قبل أعداء الإسلام فإن بإمكانهم أن يبحثوا عن السبل الكفيلة بحل مشكلاتهم.

وضمن تأكيده ان الوحدة الإسلامية لا تعني إدغام المذاهب مع بعضها بل إنها تعني تثبيت المذاهب والسعي للتنسيق فيما بينها وإقامة علاقات حسنة بين اتباعها.

ـ(651)ـ

كذلك أشار القائد الخامنئي إلى الدور البناء للثورة الإسلامية في تحقيق الصحوة الإسلامية في العالم وأكد سماحته قائلا: بأن انتصار الثورة الإسلامية أحبط جميع المخططات الاستكبارية المشؤومة التي سعت لسنوات طويلة من أجل ربط المسلمين بهم وجرهم إلى العبودية.. لذا فقد ركز الاستكبار العالمي جهده من أجل التفرقة بين الاخوة السنة والشيعة واتهام الجمهورية الإسلامية بانتهاك حقوق الإنسان والإرهاب تحقيقاً لهدف دنيء يكمن في فصل المسلمين عن الجمهورية الإسلامية وأبعادهم عنها.

وفي ختام كلمته أشار الإمام القائد السيد الخامنئي إلى الإمكانات والطاقات الكبيرة التي تملكها الأمة الإسلامية داعيا علماء الإسلام والكتاب إلى القيام بواجباتهم الرئيسية في توعية أبناء الأمة للدفع عن كيان الأمة الإسلامية.

هذا وقد التقى قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الخامنئي بعد ذلك بالضيوف بشكل خاص حيث أطلع عن كثب على مشاكلهم وتبادل معهم وجهات النظر حول قضايا العالم الإسلامي.