الذين يتخذو الكافرون أولياء فى موضع النصب أو الرفع على الذم على معنى أريد بهم الذين أو هم الذين ويجوز أن يكون منصوبا على اتباع المنافقين ولايمنع منهم وجود الفاصل فقد جوزه العرب والمراد بالكافرين قيل : اليهود وقيل : مشركو العرب وقيل : مايعم ذلك والنصارى وأيد الأول ماروى أنه كان يقول بعضهم لبعض : إن أمر محمد صلى الله عليه و سلم لايتم فتولوا ليهود .
من دون المؤمنين أى متجاوزين ولاية المؤمنين وهو حال من فاعل يتخذون أيبتغون أى المنافقون عندهم أى الكافرين العزة أى القوة والمنعة وأصلها الشدة ومنه قيل : للارض الصلبة عزاز والاستفهام للانكار والجملة معترضة مقررة لما قبلها وقيل : للتهكم وقيل : للتعجب .
فان العزة لله جميعا أى أنها مختصة به تعالى يعطيها من يشاء وقد كتبها سبحانه لأوليائه فقال عز شأنه : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين والجملة تعليل لما يفيده الاستفهام الانكارى من بطلان رأيهم وخيبة رجائهم .
وقيل : بيان لوجه التهكم أو التعجب وقيل انها جواب شرط محذوف أى يبتغوا العزة من هؤلاء فان العزة الخ وهى على هذا التقدير قائمة مقام الجواب لاأنها الجواب حقيقة و جميعا قيل : حال من الضمير فى الجار والمجرور لاعتماده على المبتدأ وليس فى الكلام مضاف أى لأولياء كما زعمه البعض وقوله سبحانه : وقد نزل عليكم خطاب للمنافقين بطريق الالتفات مفيد لتشديد التوبيخ الذي يستدعيه تعديد جناياتهم .
وقرأ ماعدا عاصما ويعقوب نزل بالبناء لما لم يسم فاعله والجملة حال من ضمير يتخذون مفيدة أيضا لكمال قباحة حالهم ببيان أنهم فعلوا مافعلوا من مولاة أعداء الله تعالى مع تحقيق مايمنعهم عن ذلك وهو ورود النهى عن المجالسة المستلزم للنهى عن المولاة على آ كد وجه وأبلغه إثر بيان انتفاء مايدعوهم اليه بالجملة المعترضة كأنه قيل : تتخذونهم أولياء أنه تعالى نزل عليكم قبل هذا بمكة فى الكتاب أى القرآن العظيم الشأن .
أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره وذلك قوله تعالى : وإذا رأيت الذين يخوضون فى آيتنا فأعرض عنهم الآية وهذا يقتضى الانزجار عن مجالستهم فى تلك الحالة القبيحة فكيف بموالاتهم والاعتزاز بهم ! و أن هى المخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن مقدر أى أنه إذا سمعتم وقدره بعضهم ضمير المخاطبين أى أنكم وكون المخففة لاتعمل فى غير ضمير الشأن إلا لضرورة كما قال أبو حيان فى حيز المنع وقد صحح غير واحد جواز ذلك من غير ضرورة والجملة الشرطية خبر وهى تقع خبرا فى كلام العرب و أن ومابعدها فى موضع النصب على أنه مفعول به لنزل وهو القائم مقام الفاعل على القراءة الثانية واحتمال أنه يجعل القائم مقامه عليكم وتكون أن مفسرة لأن التنزيل فى معنى القول لايلتفت اليه و يكفر بها ويستهزأ فى موضع الحال من الآيات جىء بهما لتقييد النهى عن المجالسة فان قيد القيد قيد والمعنى لاتقعدوا معهم وقت كفرهم واستهزائهم بالآيات وإضافة الآيات إلى الاسم الجليل لتشريفها وإبانة خطرها وتهويل أمر الكفر بها والضمير فى معهم للكفرة المدلول عليهم ب يكفر ويستهزأ والضمير فى غيره راجع إلى تحديثهم بالكفر والاستهزاء