وسميت النبوة عهدا كما قال العلامة الثاني : لأن الله تعالى عهد إكرام الأنبياء عليهم السلام بها وعهدوا إليه تحمل أعبائها أو لأن لها حقوقا تحفظ كما تحفظ العهود أو لأنها بمنزلة عهد ومنشور منه جل وعلا أو بالذي عهد إليك أن تدعوه به فيجيبك كما أجابك في آياتك فما موصولة والجار والمجرور صلة لادع أو حال من الضمير فيه يعني ادع الله تعالى متوسلا بما عهد عندك ويحتمل أن تكون الباء للقسم الإستعطافي كما يقال : بحياتك افعل كذا فالمراد استعطافه عليه السلام لأن يدعو وأن تكون للقسم الحقيقي وجوابه لئن كشفت عنا الرجز الذي وقع علينا لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل أي أقسمنا بعهد الله تعالى عندك لئن كشفت الخ وخلاصة ماذكروه في الباء هنا أنها إما للإلصاق أو للسببية أو للقسم بقسميه فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه أي إلى حد من الزمان هم واصلون إليه ولا بد فمعذبون فيه أو مهلكون وهو وقت الغرق كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أو الموت كما روي عن الحسن والمراد أنجيناهم من العذاب إلى ذلك الوقت ومن هنا صح تعلق الغاية بالكشف ولا حاجة إلى جعل الجار والمجرور متعلقا بمحذوف وقع حالا من الرجز خلافا لزاعمه .
وقيل : المراد بالأجل ماعينوه لإيمانهم إذا هم ينكثون .
531 .
- أي ينقضون العهد وأصل النكث فل طاقات الصوف المغزول ليغزل ثانيا فاستعير لنقض العهد بعد إبرامه وجواب لما فعل مقدر يؤذن به إذا الفجائية لا الجملة المقترنة بها وإن قيل به فتساهل أي فلما كشفنا عنهم ذلك فاجأوا بالنكث من غير توقف وتأمل كذا قيل وعليه فكلا الإسمين أعني لما وإذا معمول لذلك الفعل على أن الأول ظرفه والثاني مفعوله قال العلامة والداعي لذلك المحافظة على ماذهبوا إليه من أن مايلي كلمة لما من الفعلين يجب أن يكون ماضيا لفظا أو معنى إلا أن مقتضى ماذكروا من أن إذ وإذا المفاجأة في موقع المفعول به للفعل المتضمنين هما إياه أن يكون التقدير فاجأوا زمان النكث أو مكانه .
وقد يقال أيضا : تقدير الفعل تكلف مستغنى عنه إذ قد صرحوا بأن لما تجاب باذا المفاجأة الداخلة على الجملة الإسمية نعم هم يذكرون مايوهم التقدير وليس به هو بيان حاصل المعنى وتفسير له فتدبر .
فانتقمنا منهم أي فأردنا الإنتقام منهم وأول بذلك ليتفرع عليه قوله سبحانه : فأغرقناهم وإلا فالإغراق عين الإنتقام فلا يصح تفريعه عليه .
وجوز أن تكون الفاء تفسرية وقد أثبتها البعض كما في قوله تعالى : ونادى نوح ربه فقال رب الخ وحينئذ لا حاجة إلى التأويل في اليم أي البحر كما روي عن ابن عباس والسدي رضي الله تعالى عنهم ويقع على ماكان ملحا زعافا على النهر الكبير العذب الماء ولا يكسر ولا يجمع جمع السلامة وقال الليث : هو البحر الذي لايدرك قعره وقيل : هو لجة البحر وهو عربي في المشهور وقال ابن قتيبة : إنه سرياني وأصله كما قيل يما فعرب إلي ماترى والقول بأنه اسم للبحر الذي غرق فيه فرعون غريق في يم الضعف بأنهم كذبوا بآياتنا تعليل للإغراق يعني أن سبب الإغراق وما استوجبوا به ذلك العقاب هو التكذيب بالآيات العظام وهو الذي اقتضى تعلق إرادة الله تعالى به تعلقا تنجيزيا وهذا لاينافي تفريع الإرادة على النكث لأن التكذيب هو