الصفة والمراد العذاب الحريق أي المحرق جدا وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنه وأذيقه بهمزة المتكلم .
ذلك أي ما ذكر من ثبوت الخزي له في الدنيا وإذاقة عذاب الحريق في الأخرى وما فيه من معنى البعد للإيذان بكون في الغاية القاصية من الهول والفظاعة وهو مبتدأ وخبره قوله تعالى : بما قدمت يداك أي بسبب ما اكتسبته من الكفر والمعاصي وإسناده إلى يديه لما أن الإكتساب عادة يكون بالأيدي وجوز أن يكون ذلك خبرا لمبتدأ محذوف أي الأمر ذلك وأن يكون مفعولا لفعل محذوف أي فعلنا ذلك الخ وهو خلاف الظاهر والجملة استئناف لا محل لها من الإعراب وجوز أن تكون في محل نصب مفعولة لقول محذوف وقع حالا أي قائلين أو مقولا له ذلك الخ وعلى الأول يكون في الكلام التفات لتأكيد الوعيد وتشديد التهديد وأن الله ليس بظلام للعبيد .
10 .
- الظاهر أنه عطف على ما وبه قال بعضهم وفائدته الدلالة على أن سببية ما افتروه من الذنوب لعذابهم مقيدة بانضمام انتفاء ظلمه تعالى إليه إذ لولاه لأمكن أن يعذبهم بغير ما اقترفوا لا أن يعذبهم بما اقترفوا وحاصله أن تعذيب العصاة يحتمل أن يكون لذنبوبهم ويحتمل أن يكون لمجرد إرادة عذابهم من غير ذنب بهذا الرفع الاحتمال الثاني وتعيين الأول للسببية لا لرفع احتمال أن لا يعذبهم بذنوبهم لأنه جائز بل بعض الآيات تدل على وقوعه في حق بعض العصاة ومرجع ذلك في الآخرة إلى تقريع الكفر وتبكيتهم بأنه لا سبب للعذاب إلا من قبلهم كأنه قيل : إن ذلك العذاب إنما نشأ من ذنبوبكم التي اكتسبتموها لا من شيء آخر .
واختار العلامة أبو السعود أن محل أن وما بعدها الرفع على الخبرية لمبتدأ محذوف أي والأمر أنه تعالى ليس بمعذب لعبيده من غير ذنب من قبلهم والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبلها وقال في العطف : للدلالة على أن سببية الخ أنه ليس بسديد لما أن إمكان تعذيبه تعالى لعبيده بغير ذنب بل وقوعه لا ينافي كون تعذيب هؤلاء الكفرة المعينة بسبب ذنوبهم حتى يحتاج إلى اعتبار عدمه معه نعم لو كان المدعي كون جميع تعذيباته تعالى بسبب المعذبين لاحتيج إلى ذلك انتهى .
وتعقب قوله : إن إمكان الخ بأن الكلام ليس في منافاة ذينك الأمرين بحسب ذاتهما بل في منافاة احتمال التعذيب لا ذنب لتعين سببية الذنوب له وقوله نعم لو كان المدعي الخ بأن الإحتياج إلى ذلك القيد في كل من الصورتين إنما هو لتقريع المذنبين بأنه لا سبب لتعذيبهم إلا من قبلهم فالقول بالإحتياج في صورة الجمع وبعدمه في صورة الخصوصية ركيك جدا وتعقب أيضا بغير ذلك والقول بالإعتراض وإن كان لا يخلو عن بعد أبعد من الإعتراض والتعبير عن نفي تعذيبه تعالى لعبيده من غير ذنب بنفي الظلم مع أن تعذيبهم بغير ذنب ليس بظالم على ما تقرر من قاعدة أهل السنة لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه سبحانه من الظلم وصيغة المبالغة لتأكيد هذا المعنى بإبراز ما ذكر من التعذيب بغير ذنب في صورة المبالغة في الظلم وقيل : هي لرعاية جمعية العبيد فتكون للمبالغة كما لا كيفا واعترض بأن نفي المبالغة كيفما كانت توهم المحال وقيل : يجوز أن تعتبر المبالغة بعد النفي فيكون ذلك مبالغة في النفي لا نفيا للمبالغة واعترض بأن ذلك ليس مثل القيد المنفصل الذي يجوز اعتبار تأخره وتقدمه كما قالوه في القيود الواقعة مع النفي وجعله قيدا في التقدير لأنه بمعنى ليس بذي ظلم عظيم أو كثير تكلف لا نظير له وقيل : إن ظلاما للنسبة أي ليس بذي ظلم ولا يختص ذلك بصيغة فاعل فقد جاء