- الحديث السابع والتسعون : حديث جبرئيل : .
- " إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة " قلت : روى من حديث ابن عمر ومن حديث ميمونة ومن حديث عائشة .
فحديث ابن عمر أخرجه البخاري في " صحيحه ( 1 ) - في كتاب بدء الخلق - في باب إذا قال أحدكم : آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه " عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله عن عم أبيه سالم بن عبد الله عن أبيه قال : واعد النبي صلى الله عليه وسلّم جبرئيل فراث عليه " أي أبطأ " حتى شق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلّم وخرج النبي صلى الله عليه وسلّم فلقيه فقال : " إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة " انتهى .
وأما حديث ميمونة : فأخرجه مسلم ( 2 ) في " اللباس " عن ابن عباس قال : أخبرتني ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أصبح يوما واجما فقالت له ميمونة : قد استنكرت هيئتك منذ اليوم قال : إن جبرئيل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني ثم وقع في نفسه جرو - كلب - تحت فسطاط لنا فأمر به فأخرج ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه فلما لقيه جبرئيل قال : " إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة " فأصبح النبي صلى الله عليه وسلّم فأمر بقتل الكلاب حتى أنه ليأمر بقتل كلب الحائط الصغير ويترك كلب الحائط الكبير انتهى .
وأما حديث عائشة : فأخرجه مسلم ( 3 ) أيضا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها قالت : وأعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم جبرئيل في ساعة يأتيه فيها فجاءت تلك الساعة ولم يأته وفي يده عصا فألقاها من يده وقال : ما يخلف الله وعده ولا رسله ثم التفت فإذا جرو - كلب - تحت سريره فقال : ما هذا ( 4 ) يا عائشة ؟ متى دخل هذا الكلب ههنا ؟ فقالت : والله ما دريت فأمر به فأخرج فجاء جبرئيل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : واعدتني فجلست لك فلم تأت فقال : منعني الكلب الذي كان في بيتك " إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة " انتهى .
- أحاديث الباب : أخرج الأئمة الستة في " كتبهم ( 5 ) " عن أبي طلحة الأنصاري واسمه " زيد بن سهيل " أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : لا يدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة انتهى . لمسلم ولبعضهم فيه قصة وزاد فيه البخاري : يريد صورة التماثيل التي فيها الأرواح ذكره في " المغازي - في باب شهود الملائكة بدرا " ولمسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا : لا يدخل الملائكة بيتا فيه تماثيل أو تصاوير انتهى .
- حديث آخر : أخرجه أبو داود ( 6 ) . والنسائي . وابن ماجه . وأحمد في " مسنده " . وابن حبان في " صحيحه " عن عبد الله بن نجى عن أبيه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة ولا جنب " انتهى . لم يذكر ابن ماجه فيه : الجنب وعبد الله ابن نجى فيه مقال وزاد أحمد فيه : ولا صورة روح ولشيخنا علاء الدين ههنا وهمان قلد فيهما غيره : أحدهما : أنه لم يعز الحديث إلا لأبي داود . والترمذي من حديث أبي هريرة وقد قدمنا أنه في " الصحيحين ( 7 ) . والثاني : أن حديث أبي هريرة عند أبي داود ( 8 ) . والترمذي ليس فيه ذكر الملائكة وهذا لفظهما عن مجاهد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " أتاني جبرئيل فقال لي : أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أدخل إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال فليقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع وليجعل فيه وسادتين منتبذتين توطآن ومر بالكلب فليخرج ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم وإذا الكلب للحسن . أو للحسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأخرج انتهى . رواه أبو داود في " اللباس " . والترمذي في " الاستئذان " . والنسائي في " الزينة " ورواه ابن حبان في " صحيحه " وهذا ليس فيه ذكر الملائكة وإنما هو مخصوص بجبرئيل في واقعة مخصوصة فليس هذا حديث الكتاب لا لفظا ولا معنى ويا ليته ذكره من حديث أبي طلحة .
واعلم أن المصنف C استدل بهذا الحديث على شيء وهو غير مطابق لمقصوده فإنه قال : ويكره أن يكون فوق رأسه . أو بين يديه . أو بحذائه تصاوير أو صورة معلقة " يعني في الصلاة " لحديث جبرئيل عليه السلام " إنا لا ندخل بيتا فيه كلب أو صورة " ثم قال : ولو صلى على بساط فيه تصاوير فلا بأس لأن فيه استهانة بالصورة فالحديث عام بالنسبة إلى كل صورة وكلام المصنف خاص بالصورة المعلقة وقد يستدل له بحديث أخرجه النسائي ( 9 ) عن أبي هريرة قال : استأذن جبرئيل على النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : ادخل فقال : كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير ؟ إما أن تقطع رءوسها . أو يجعل بساطا يوطأ " فإنا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه تصاوير " انتهى . ورواه ابن حبان في " صحيحه " ولفظه : فإن كنت لابد فاعلا فاقطع رءوسها أو اقطعها وسائد أو اجعلها بسطا انتهى .
- حديث آخر : أخرجه البخاري في " صحيحه ( 10 ) - في كتاب المظالم " عن عائشة أنها اتخذت على سهوة لها سترا فيه تماثيل فهتكه النبي صلى الله عليه وسلّم قالت : فاتخذت منه نمرقتين فكانتا في البيت نجلس عليهما زاد أحمد في " مسنده " فلقد رأيته متكئا على إحداهما وفيها صورة .
- حديث آخر : رواه الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن سليمان بن أرقم ( 11 ) عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلّم في التماثيل أنه رخص فيما كان يوطأ وكره ما كان منصوبا انتهى . وقال : لم يروه عن ابن سيرين إلا سليمان بن أرقم انتهى .
_________ .
( 1 ) في " اللباس - في باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة " ص 881 ، منه اختصر المخرج لفظه وأما السياق الذي في بدء الخلق فهو مختصر مما ذكره المخرج وهو في : ص 458 - ج 1 .
( 2 ) في " اللباس - في باب تحريم تصوير صورة الحيوان " ص 199 - ج 2 ، وأبو داود في " آخر اللباس " ص 219 - ج 2 ، والطحاوي : ص 363 - ج 2 .
( 3 ) في " اللباس - في باب تحريم تصوير صورة الحيوان " ص 199 .
( 4 ) قوله : ما هذا ليس هذا اللفظ عند مسلم .
( 5 ) البخاري في " بدء الخلق - في باب خمس من الدواب فواسق " ص 468 ، ومسلم في " اللباس " ص 200 ، وأبو داود في " آخر اللباس " ص 219 - ج 2 ، والنسائي في " الزينة " - في باب التصاوير " ص 299 - ج 2 ، والترمذي في " الأدب - في باب أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة " ص 102 - ج 2 ، وابن ماجه في " اللباس - في باب الصور في البيت " ص 268 ، والطحاوي : ص 363 - ج 2 .
( 6 ) ص 218 - ج 2 ، والنسائي : ص 299 ، وابن ماجه : ص 268 ، ولم أجد في النسائي إلا عن ابن المسيب عن علي ولفظه : " إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير " وأحمد في : ص 85 - ج 1 ، وفيه : " تمثال " بدل : " صورة " والدارمي : ص 357 ، والطحاوي : ص 363 - ج 2 ، كلاهما بلفظ أبي داود وأخرجه أحمد : ص 83 ، و ص 85 ، وفيه " صورة روح " .
( 7 ) قلت : عزا حديث أبي هريرة فيما قبل إلى مسلم فقط وإني لم أجده في البخاري فلعل الصواب في " الصحيح " .
( 8 ) في " آخر اللباس " ص 219 - ج 2 ، والترمذي في " الأدب - في باب الاستئذان " ص 104 - ج 2 والنسائي في " الزينة " ص 301 - ج 1 ، مختصرا .
( 9 ) في " الزينة - في باب أشد الناس عذابا " ص 301 - ج 2 ، والطحاوي : ص 365 .
( 10 ) في " المظالم - في باب كسر الدنان " ص 337 ، ومسلم : ص 201 - ج 2 .
( 11 ) سليمان بن أرقم ضعيف