فقد ترى أنت رأيه غدا عندما تقتنع بوجهة نظره فقد رجع كثير من أعلام الأئمة عن آراء رأوها بل عن مذاهب كانوا قد ذهبوا إليها ولعلك لا تجهل أن للشافعي مذهبا قديما ومذهبا جديدا وأن الخلاف في لواحق العقائد والأصول كثير الشبه بالخلاف في الأحكام والفروع .
لهذا كله تراني لا أذهب مع الذاهبين في تضليل المعتزلة وتسفيه أحلامهم ونبزهم بألقاب الكفر والفسوق كما لا أذهب مع الذاهبين في تجهيل أهل السنة وتحقيرهم ونبزهم بالجهالة والجمود والهوى ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحنك هذا بهتن عظيم يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الأيت والله عليم حكيم .
تحذير .
وأحب ألا يفهم القاريء الكريم أنني أريدها فوضى لكل متأول في القرآن متلاعب بالنصوص عابث بتعاليم الدين بل الذي أريده وأرجوه أن نفرق بين متأول ومتأول ثم ننظر أهذا التأويل سائغ أم غير سائغ أي تساعد عليه قوانين اللغة العربية ومقررات الإسلام المقطوع بها المعلومة من الدين بالضرورة وبراهين العقل والمنطق أم لا .
فالسائغ نقبله ونرحب به وإن خالف رأينا وغير السائغ نرده في غير تردد ونحاربه في غير هوادة لأن تاريخ الإسلام لم يشهد أعداء كانوا أخطر عليه من أولئك العابثين الذين تلاعبوا بنصوصه وعبثوا بمقرراته سواء منهم من ذهب به الماضي كالباطنية ومن برم به الحاضر كالبهائية وقد تسمع قريبا شيئا عن أمثالهم .
سماحة الإسلام ويسر تعاليمه .
بان لك مما ذكرنا أن الإسلام دين سمح وأن الله تعالى لم يكلف الخلق من تعاليم دينه إلا ما جاء به كتابه الكريم وشرحه نبيه العظيم على تلك الطريقة السهلة الواضحة البعيدة عن التدقيقات الفلسفية والتعقيدات الفنية .
ولعل من تمام الفائدة في هذا الموضوع الخطير أن نقتطف لك كلمة قالها حجة الإسلام الغزالي في الإحياء عند بيانه لما بدل الناس من ألفاظ العلوم إذ قال تغمده الله برحمته .
اللفظ الثالث أي من الأسماء المحمودة التي نقلت بالأغراض الفاسدة إلى معان غير ما أراده السلف الصالح والقرن الأول التوحيد وقد جعل الآن عبارة عن صناعة الكلام ومعرفة طريق المجادلة والإحاطة بطرق مناقضات الخصوم والقدرة على التشدق فيها بتكثير الأسئلة وإثارة الشبهات وتأليف الإلزامات حتى لقب طوائف منهم أنفسهم بأهل العدل والتوحيد وسمي المتكلمون بعلماء التوحيد مع أن جميع ما هو خاصة هذه