واللغو الساقط قلت والأول أليق بتصرف البخاري وبذلك جزم المازري وقال إنما اختصر البخاري القصة لاشتهارها ولكونه ذكرها في موضع آخر انتهى وأما ما رواه بن خزيمة في صحيحه والترمذي وحسنه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن تناشد الأشعار في المساجد وإسناده صحيح إلى عمرو فمن يصحح نسخته يصححه وفي المعنى عدة أحاديث لكن في أسانيدها مقال فالجمع بينها وبين حديث الباب أن يحمل النهي على تناشد أشعار الجاهلية والمبطلين والمأذون فيه ما سلم من ذلك وقيل المنهي عنه ما إذا كان التناشد غالبا على المسجد حتى يتشاغل به من فيه وأبعد أبو عبد الملك البوني فأعمل أحاديث النهي وادعى النسخ في حديث الإذن ولم يوافق على ذلك حكاه بن التين عنه وذكر أيضا أنه طرد هذه الدعوى فيما سيأتي من دخول أصحاب الحراب المسجد وكذا دخول المشرك .
( قوله باب أصحاب الحراب في المسجد ) .
الحراب بكسر المهملة جمع حربة والمراد جواز دخولهم فيه ونصال حرابهم مشهورة وأظن المصنف أشار إلى تخصيص الحديث السابق في النهى عن المرور في المسجد بالنصل غير مغمود والفرق بينهما أن التحفظ في هذه الصورة وهي صورة اللعب بالحراب سهل بخلاف مجرد المرور فأنه قد يقع بغتة فلا يتحفظ منه قوله في الإسناد .
443 - عن صالح هو بن كيسان قوله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوما في باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد فيه جواز ذلك في المسجد وحكى بن التين عن أبي الحسن اللخمي أن اللعب بالحراب في المسجد منسوخ بالقرآن والسنة أما القرآن فقوله تعالى في بيوت أذن الله أن ترفع وأما السنة فحديث جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وتعقب بان الحديث ضعيف وليس فيه ولا في الآية تصريح بما ادعاه ولا عرف التاريخ فيثبت النسخ وحكى بعض المالكية عن مالك أن لعبهم كان خارج المسجد وكانت عائشة في المسجد وهذا لا يثبت عن مالك فأنه خلاف ما صرح به في طرق هذا الحديث وفي بعضها أن عمر أنكر عليهم لعبهم في المسجد فقال له النبي صلى الله عليه وسلّم دعهم واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو وقال المهلب المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمين فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه وفي الحديث جواز النظر إلى اللهو المباح وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلّم مع أهله وكرم معاشرته وفضل عائشة وعظيم محلها عنده وسيأتي بقية الكلام على فوائده في كتاب العيدين إن شاء الله تعالى